للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ويعتذر الحذاق منهم المنتسبون إلى الإسلام العاطلون (١) بهذه الشبهة (٢)، التى هى القياس على ما شوهد من الشمس عن خطاياهم فى كثير من القضايا، بأن يقولوا: فإن القوة الحادثة عن امتزاج الكوكبين واتصالهما على بعض صفات الاتصال التى يذكر، ومنها لا يوقف على حقيقتها، وإنما تؤخذ بالحدس والتخمين فيقع الغلط لأجل ذلك، كما يعرف الطبيب قوة كل عقار على انفراده، ولكنه إذا مزج الكثير منها لا يقف على حقيقة المزاج المركب؛ فلهذا لا يقع الشفاء بكل دواء يشفيه (٣).

ويقولون - أيضاً -: وربما صادمت بعض القوى الأرضية القوى السماوية فمنعها التأثير، فيغلط المنجم حينئذ، وهذا كما أن السم قتال يقضى بذلك الطبيب، فإذا تقدم شاربه بشرب بازهر ذلك السم وترياقه بطل تأثيره.

وهذا مسلك الحذاق منهم، والرد عليهم أن يبطل القول بالطبيعة أصلاً، وهذا مستقصىً فى كتب الأصول (٤)، ومن أقر به أن الفاعل من شرطه أن يكون عالماً قادراً حياً، والطبيعة ليست كذلك عندهم، فلو صح قوة (٥) الفعل إلى قوة ما وليست بحية ولا عالمة، صح إضافة الفعل إلى الموت أمناً (٦)، ويقع هؤلاء فى نفى البارى سبحانه ولا حاجة - على أصلهم - إليه ولا دليل يقوم على إثبات فاعل عالم مختار، وما (٧) المانع على أصلهم أن يكون الذى يسمونه واجب الوجود يفعل بقوة فيه من غير أن يكون عالماً ولا حياً، كما صح أن يفعل بالطبائع عندهم وليست بحية ولا عالمة. ومن صرح بهذا وضح كفره.

وأيضاً، فإن هذه القوة لا يقدرون على بيانها، ولا يزال يضطرهم إلى تفسيرها حتى يلحقوها بالجواهر أو بالأعراض، وكلاهما لا يصح منه خلق الأجسام، ولا الفعل فى غيره.

وأيضاً، فإن المفعول (٨) عندهم على القياس على المشاهدة، على حسب ما قالوه فى الشمس من شرط أفعال المحدثات بعضها فى بعض، أن يكون باتصال أو محاسة أو بوسائط وزحل فى الفلك الشائع (٩) عندهم والإنسان فى الأرض التى هى غير محسوسة عندهم بإضافتها إلى فلك زحل، لا اتصال بينه وبين رجل (١٠)، ولا وسائط يتصل بعضها ببعض، حتى ينتهى الأمر إلى الإنسان، وقصارى ما يشتهون (١١) به الهواء،


(١) فى ح: الغالطون.
(٢) فى ح: التسمية.
(٣) فى ح: يسقيه.
(٤) انظر: تهافت الفلاسفة ص ٨٦، النبوات ص ٥١.
(٥) فى ح: إضافة.
(٦) فى الرسالة: منا.
(٧) فى ح: أما.
(٨) فى ح: المعقول.
(٩) فى ح: السابع.
(١٠) فى ح: زحل.
(١١) فى ح: يشيهون.

<<  <  ج: ص:  >  >>