للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْمَاءَ الضُّبَعىُّ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ عَنْ ناَفِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ؛ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ قَتْلِ الْجِنَّانِ فِى الْبُيُوتِ.

١٣٥ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الوَهَّابِ - يَعْنِى الثَّقَفِىَّ - قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ يَقُولُ: أَخْبَرَنِى ناَفِعٌ؛ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ المُنْذرِ الأَنْصَارِى - وَكَانَ مَسْكَنُهُ بِقُبَاءٍ فَانْتَقَلَ إِلَى الْمَدِينَةِ - فَبَيْنَمَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ جَالِسًا مَعَهُ يَفْتَحُ خَوْخَةً لَهُ، إِذَا هُمْ بِحَيَّةٍ مِنْ عَوَامِرِ الْبُيُوتِ، فَأَرَادُوا قَتْلَهَا. فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ: إِنَّهُ قَدْ نُهِىَ عَنْهُنَّ - يُرِيدُ عَوَامِرَ الْبُيُوتِ - وَأُمِرَ بِقَتْلِ الأَبْتَرِ وَذِى الطُّفْيَتَيْنِ. وَقِيلَ: هُمَا اللَّذَانِ يَلْتَمِعَانِ الْبَصَرَ وَيَطَّرَحَانِ أوْلادَ النِّسَاءِ.

ــ

النبى بقتل الحية التى خرجت عليهم فى غار فسبقتهم، فقال: " وقاها الله شركم كما وقاكم شرها "، قال الإمام: [أما حيات المدينة] (١) فإنها لا تقتل بغير إنذار لهذا الحديث المذكور فيها، وأما ما سواها من البلاد فإن مالكاً نهى عن قتل حيات البيوت بغير إنذار، ولكن يرى ذلك فى حيات المدينة.

وأكد ابن نافع (٢) قصر الحديث على ما ورد فيه من حيات المدينة ورأى سائر البلاد بخلافها لما ورد من إباحة القتل عاماً (٣)، وقد قال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اقتلوا الحيات " وذكرها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الخمس التى يقتلها المحرم (٤) والحلال فى الحل والحرم، ولم يذكر إنذاراً، وأخذ هذه الأحاديث على عمومها، وخص المدينة بالحديث الوارد من هذا العموم.

وأما صفة الإنذار: فحكى ابن حبيب عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال: " أنشدكن بالعهد الذى أخذ عليكن سليمان ألا تؤذيننا، وأن تظهرن لنا " (٥).

وأما مالك فإنه قال: يكفى فى الإنذار أن يقول: أحرج عليك بالله واليوم الآخر ألا


(١) سقط من ز، والمثبت من ح.
(٢) هو أبو بكر عبد الله بن نافع الزبيرى الفقيه، صاحب الإمام مالك، من فقهاء المدينة ت ٢١٦. انظر: الجرح والتعديل ٥/ ١٨٤، ترتيب المدارك ١/ ٣٦٥، السير ١٠/ ٣٧٤.
(٣) نقل كلام ابن نافع ابن عبد البر فى التمهيد ١٦/ ٢٦٣، العارضة ٦/ ٢٨٢، المنتقى ٧/ ٣٠٠.
(٤) سبق فى مسلم، ك الحج، ب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب فى الحل والحرم (١٢٠٠/ ٧٥)، أبو داود، ك المناسك، ب ما يقتل المحرم من الدواب (١٨٤٨).
(٥) هذا الاثر مذكور فى كتاب القرطبى: المفهم ٣/ ١٩١، ووردت آثار أخرى تدل على هذا المعنى. قال أبو ليلى: قال رسول الله - عليه السلام: " إذا ظهرت الحية فى المسكن فقولوا لها: إنا نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان بن داود ألا تؤذينا، فإن عادت فاقتلوها " الترمذى، ك الأحكام والفوائد، باب ما جاء فى قتل الحيات، أبو داود، ك الأدب، ب قتل الحيات، تفسير القرطبى ١/ ٣١٨، البقرة: ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>