للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَزَادَ فِى حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ: " فَإِنَّ مَوْلاكُمُ الله - عَزَّ وَجَلَّ - ".

١٥ - (...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ ابْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ أَحَادِيثَ مِنْهَا: وَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يَقُلْ أَحِدُكُمُ: اسْقِ رَبَّكَ، أَطْعِمْ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ. وَلا يَقُلْ أَحَدُكُمْ: رَبِّى، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِى، مَوْلاىَ. وَلا يَقُلْ أَحَدُكُمْ عَبْدِى، أَمَتِى، وَلْيَقُلْ: فَتَاىَ، فَتَاتِى، غُلاَمِى ".

ــ

الشىء، يقال لمن أصلح شيئاً وقام به: قد ربه يربه، ومنه سمى الربانيون؛ لقيامهم بشرائع مللهم، لكن لا رب حقيقة ولا مالك حقيقة ولا فاعل حقيقة إلا الله تعالى، فهو رب الأرباب، ومالك كل مالك، وخالق كل شىء ورازق، وقيام السماوات والأرض والقائم على كل تفس بما كسبت، وغيره مخلوق بملك مملوك غير مالك لنفسه ولا قديم، الملك لما ملك ولا يدوم له ولا يعم ملكه.

فإن قيل: فإذا نهى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن هذا، فما الجمع بينه وبين قوله تعالى: {اذْكُرْنِي عِندَ رَبِّك} (١) و {ارْجِعْ إِلَى رَبِّك} (٢)، {إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَاي} (٣)، وقوله - عليه السلام - فى أشراط الساعة: " أن تلد الأمة ربتها " (٤) فأعلم أن هذا مما تقدم مثله فى النهى عن تسمية العشاء العتمة، تم قد سماها - عليه السلام - عتمة فى بعض الأحاديث، وأن النهى عن ذلك أن يتخذ عادة، ولا يذكر اسم سواه حتى يغشوا ويستعمل استعمال مثله فى الخالق تعالى، وربما أدخل اللبس باستعمال مثله على الضعفاء بعض الزنادقة، وأصحاب الإلحاد والحلول من النصارى وأصحاب التنابيح (٥)، وغلاة الرافضة، وغلاة الباطنية؛ من تسميتهم بعض الناس أرباباً وادعائهم ذلك حقيقة فيهم، قال الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ} (٦) تعالى الله عن قولهم. ولم ينه نهى وجوب وحتم، بل نهى أدب وحظر، ثم خاطبهم أحياناً بما فهم عنه من صحة استعمالهم له فى لغتهم وعلى


(١) يوسف: ٤٢.
(٢) يوسف: ٥٠.
(٣) يوسف: ٢٣.
(٤) البخارى، ك الإيمان، ب سؤال جبريل النبى (٥٠)، مسلم، ك الإيمان، ب بيان الإيمان والإسلام والإحسان (١/ ٣٧).
(٥) فى ح: التناسخ.
(٦) التوبة: ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>