للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(...) وحدّثناه ابْنُ الْمُثَنّى وَعُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعِيد، قَالا: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

ــ

الصامت " [من] (١) أربعة وأربعين " (٢)، والأكثر من ذلك والأصح عند أهل الحديث: " من ستة وأربعين " (٣).

قال الإمام: أما قوله: " رؤيا المسلم جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة " فإنه مما قال بعض الناس فيه: أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقام يوحى إليه ثلاثة وعشرين عامًا، عشرة بالمدينة وثلاثة عشر بمكة، وكان قبل ذلك بستة أشهر يرى فى المنام ما يلقيه إليه الملك - عليهما السلام - وذلك نصف سنة من ثلاثة وعشرين سنة جزءاً من ستة وأربعين جزءاً (٤).

وقد قيل: إن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد خُص دون الخليفة بضروب وفنون، وجعل له إلى العلم طرق لم تجعل لغيره، فيكون المراد: أن المنامات نسبتها مما حصل له وميز به جزء من ستة وأربعين، فلا يبقى على هذا إلا أن يقال: بينوا هذه الأجزاء. ولا يلزم العلماء أن تعرف كل شىء جملة وتفصيلاً، وقد جعل الله - سبحانه - للعلماء حداً تقف عنده، فمنها ما لا تعلمه أصلاً، ومنها ما تعلمه جملة ولا تعلمه (٥) تفصيلاً وهذا منه، ومنها ما تعلمه جملة وتفصيلاً، لا سيما ما طريقه السمع، ولا مدخل للعقل فيه، فإنما يعرف منه قريباً (٦) عرف به السمع.

وقد مال بعض شيوخنا إلى هذا الجواب الثانى، وقدح فى الأول؛ لأنه لم يثبت أن أمد رؤياه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبل النبوة كانت ستة أشهر ومائة بعد الهجرة (٧) رأى منامات كثيرة، فيجب أن يلعق فيها (٨) ما يضاف إلى الستة أشهر، فيتعين (٩) الحساب وتفسد النسبة، ولا وجه عندى لاعتراضه بما كان من المنامات خلال زمن الوحى؛ لأن الأشياء توصف بما يغلب عليها وينسب إلى الأكثر منها، فلما كان الستة أشهر محضاً فى المنامات والثلاثة وعشرون سنة جاها (١٠) وحى، وإنما فيه منامات شىء يسير يعد عدًّا، صح أن يطرح الأقل فى حكم النسبة والحساب.

ويحتمل عندى أن يراد بالحديث وجه آخر، وهو أن يمره (١١) المنامات الخبر [لا البر] (١٢) وإن كان يبيع (١٣) ذلك إنذار وتبشير، والأخبار بالغيب أحد ثمرات النبوة


(١) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(٢) الطبرى ٧/ ١٣٥ فى تفسير سورة يونس آية ٦٤، وانظر: الفتح ١٢/ ٣٦٣.
(٣) انظر: المفهم ٣/ ق ٢١٨ أ، شرح البخارى ٤/ ق ٢١٦.
(٤) انظر: أعلام الحديث ٤/ ٢٣١٥، معالم السنن ٥/ ٢٨١، وقال ابن العربى: إن هذا يفتقر إلى نقل صحيح، ولو ثبت بالنقل ما أفادنا شيئاً فى غرضنا، والأصح حمل اللفظ عليه. انظر: القبس ٢/ ٣٥٣.
(٥) فى ح: يعلم.
(٦) فى ح: قدر ما.
(٧) فى ح: النبوة.
(٨) فى ح: منها.
(٩) فى ح: فيتغير.
(١٠) فى ح: جلها.
(١١) فى ح: ثمرة.
(١٢) فى ح: بالغيب لا أكثر.
(١٣) فى ح: يتبع.

<<  <  ج: ص:  >  >>