للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ومنه ما ما يأتيه به بالمثال، وأحياناً يسمع الصوت ويرى الضوء (١)، وأحياناً يغط ويأخذه به فى الرحضاء (٢)، ومنه ما يأتيه كصلصلة الجزيئين (٣)، ومنه ما يلقيه روح القدس (٤).

إلى غير ذلك مما وقفنا عليه ومما لم نقف عليه. فنقول: الرؤيا [التى هى] (٥) بضرب المثل جزءٌ من ذلك العدد من أجزاء الوحى - والله أعلم.

وبالجملة فى هذا كله صحة أمر الرؤيا وتعظيم شأنها وعلمها، وأنها جزءٌ من النبوة، وخاصية من خصائصها، وكانت حقيقة من أجزاء النبوة لما فيها من الإعلام الذى هو معنى النبوة على أحد الوجهين.

وقد قال كثير من العلماء: إن للرؤيا ملكًا وكل بها يرى الرائى من ذلك ما فيه تنبيه على ما يكون له، أو يقدر عليه من خير أو شر، وهذا من معنى النبوة؛ لأن لفظ النبى قد يكون فعيلاً بمعنى مفعول كجريح [بمعنى مجروح] (٦) أى يعلمه الله ورسله أنه نبى ويطلعه من غيبه فى منامه [على] (٧) ما لا يظهر عليه أحدًا إلا من ارتضى من رسول، وقد يكون معنى نبى: فعيل بمعنى فاعل، كعليم، أى يعلم غيره بما أوحى إليه، وهذا أيضاً صورة صاحب الرؤيا.

وقوله: " والرؤيا ثلاث، فالرؤية الصالحة بشرى من الله، ورؤيا تحزين من الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء [به] (٨) نفسه، فإذا رأى أحدكم ما يكره فليقم فليصل " (٩) الحديث: قد تقدم هذا المعنى، وذكره هنا الصلاة لما فيها من التضرع والمناجاة ومراغمة الشيطان بالقطع به عن الرجوع إلى النوم ليعيد عليه التحزين، ويقطع عنه وسواسه وما يحدث به المرء نفسه.

وهذه الأقسام من الرؤيا لا رابع لها؛ لأن ما يكون من الأخلاط من باب ما يحدث به المرء نفسه، لأن غلبة حديث المرء عليه فى يقظته تعتريه فى نومه حتى يسمعه يتكلم به، وقد يعتريه عند شدة مرضه وبرسامة (١٠) إغمائه حتى فى صحته عند اشتغال سره، يتكلم بشىء مع غيره فنقلت (١١) اللفظ ويغير الخطاب ببعض الكلمات والأسماء التى يحدث بها المرء نفسه. وكذلك غلبة الخلط عليه هو من هذا الباب. والصادقة من هذه الأقسام الثلاثة التى لا أضغاث فيها هو ما هو بشرى من الله، وكذلك ما كان إنذاراً منه فيما يخشى، فهو كله عناية من الله بعبده وتقدمة [له] (١٢) لا يصيبه من خير يفرح به ويستعد له، أو شر [فيتوقاه] (١٣) ويكون على أهبة له ثم هى على ضربين: منه ما يخرج على وجهه كما رآه،


(١) مسلم، ك الفضائل (١٢٣).
(٢) مسلم، ك الفضائل (٨٦). الرحضاء: عرق الحمى. انظر: اللسان.
(٣) فى ح: الجرس.
(٤) انظر: الطبرانى فى الكبير، وأبو نعيم فى الحلية ١٠/ ٢٧.
(٥) فى ح: هى التى.
(٦) سقط من ح، والمثبت فى ز.
(٧) ساقطة من ح.
(٨) ساقطة من ز.
(٩) حديث رقم (٦) بالباب
(١٠) هى علة معروفة، وهى التهاب فى الغشاء المحيط بالرئة. انظر: اللسان والوسيط.
(١١) فى ح: فيقلب.
(١٢) و (١٣) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>