للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِقَالَهُ "، فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ. فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلىْ طَيِّئٍ. وَجَاءَ رَسُولُ ابْنِ العَلْمَاءِ - صَاحِبِ أَيْلَةَ - إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكتَابٍ، وَأَهْدى لَهُ بَغْلَةً بَيْضَاءَ. فَكَتَبَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَهْدَى لَهُ بُرْدًا، ثُمَّ أَقْبَلْنَا حَتَّى قَدِمْنَا وَادِىَ القُرَى. فَسَأَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَرْأَةَ عَنْ حَدِيقَتِهَا: " كَمْ بَلَغَ ثَمَرُهَا؟ ". فَقَالَتْ: عَشرَةَ أَوسُقٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّى مُسْرِعٌ، فَمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ فَلْيُسْرِعْ مَعِىَ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيَمْكُثْ ". فَخَرَجْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى المَدِينَةِ. فَقَالَ: " هذِهِ طَابَةُ، وَهَذَا أُحُدٌ، وَهُوَ جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ". ثُمَّ قَالَ: " إِنَّ خَيْرَ دُورِ الأَنْصَارِ دَارُ بَنِى النَّجَارِ، ثُمَّ دَارُ بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ، ثُمَّ دَارُ بَنِى عَبْدِ الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَج، ثُمَّ دَارُ بَنِى سَاعِدَةَ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ خَيْرٌ ". فَلَحِقْنَا سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ. فَقَالَ أَبُو أُسَيْدٍ: أَلَمْ تَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيَّرَ دُورَ الأَنْصَارِ،

ــ

وقوله: " وجاء [رسول] (١) ابن العلماء - صاحب أيلة - إلى رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأهدى له بغلة بيضاء. " ابن العلماء ": بفتح العين المهملة وسكون اللام الممدودة، وهذه البغلة هى " دلدل " بغلة النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعروفة، لكنه قال هنا ما ظاهره أنها أهديت له فى غزوة تبوك، وقد كانت عنده. قيل: وحضر عليها يوم حنين، ولم يرو أنه كان للنبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بغلة سواها، ولعله يعنى أنه أهداها له قبل هذا، كأنه قال: والذى أهدى له البغلة.

وقد تقدم الكلام فى قبول النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الهدايا، ورده لما رد منها، وحكم غيره فى ذلك من الأئمة.

وتقدم الكلام فى قوله: " هذا جبل يحبنا [ونحبه] (٢) ".

وقوله: " خير دور الأنصار بنو النجار " الحديث: المراد بها أهلها، والدور القبائل هنا، وفضلهم بالسبق إلى الإسلام. وفيه جواز التفضيل والتخيير بين الناس، [وإنزال كل أحد منزلته. وقد كره بعض العلماء التفضيل بين الناس] (٣)، وهذا - والله أعلم - لغير ضرورة، إما للحاجة إلى ذلك فى التعديل والتجريح فى الشهادات [والحديث] (٤) والولايات، فمضطر إليه محتاج لذكره واعتقاده، وهذا ليس بغيبة.

وقوله: " ثم دار بنى عبد الحارث من الخزرج ": كذا للسعدى (٥) [الفارسى] (٦) [والواو مثل] (٧)، وهو وهم، والصواب بنو الحارث.


(١) ساقطة من ز، ح.
(٢) ساقطة من ز.
(٣) فى هامش ح.
(٤) ساقطة من ح.
(٥) فى ح: العذرى
(٦) ساقطة من ز.
(٧) سقط من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>