للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

على الكفر والشرك كثير كما فى هاتين الآيتين. وقيل ذلك فى قوله تعالى: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِه} (١)، وقوله تعالى: {فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا} (٢) والمؤمن العاصى ظالم من حيث تعديه الأوامر والنواهى ووضعها غير موضعها ونقص إيمانهم بذلك، وقد يقع الظلم بمعنى النقص، وقد قيل ذلك فى قوله سبحانه: {وَمَا ظَلَمُونَا} الآية (٣).

وهى قوله: {فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ} وهو بمعنى الأول، وليس يظهر لى فى هذا الحديث حجة للعموم، ومِنْه حمل بعض الصحابة الآيةَ على ظلم الإنسان نفسه، وكل ظلم [كما] (٤) تقدم، بل أقول: إن طريقهم - رضى الله عنهم - فيه (٥) الطريقة المثلى والنظر الأولى من حملهم لفظ الظلم على أظهر معانيه وأكثر استعمالاته فى محتملاته، فإنه وإن كان ينطلق على الكفر وغيره لغةً وشرعًا، فعُرف استعماله غالبًا، والأظهر من مفهومه إطلاقه فى العسف والتعدى والعدول عن الحق فى غير الكفر، كما أن لفظ الكفر ينطلق على معان من جحد النعم والحقوق وسترها، لكن مجرد إطلاقه وغالب شيوعه على ضد الإيمان، فعلى هذا وقع فهم الصحابة [رضى الله عنهم] (٦) المراد بالظلم، وتأويلهم الآية وإشفاقهم من ذلك، إذ [قد] (٧) ورد دون قرينة ولا بيان يصرفه عن أظهر وجوهه إلى بعض محتملاته، حتى بين لهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مراد ربه بما ذكر فى الحديث. وأما قوله: فيه تأخير البيان إلى وقت الحاجة فما (٨) يتوجه عندى فى هذه القضية؛ لأنها ليست قضيَّة تكليف عملٍ (٩)، وإن كان فيها تكليفُ اعتقاد بتصديق الخبر عن المؤمن الآمن (١٠)، واعتقادُ التصديق بذلك يلزم لأول وروده، فمتى [هى] (١١) الحاجة المؤخر لها البيان؟ لكن لما أشفقوا منه بيَّن لهم المراد به كتبيين سائر ما بين من المشكلات.


(١) فاطر: ٣٢.
(٢) النمل: ٥٢.
(٣) البقرة: ٥٧.
(٤) ساقطة من ت.
(٥) فى ت: هذه.
(٦) و (٧) من ت.
(٨) فى ق: فلا.
(٩) قلت: لا مانع أن تكون الآية وردت مورد النهى فى صورة الخبر، فتكون آيةً عمليةً من هذا الوجه، فيصدق فى تأويلها قول الإمام.
(١٠) فى ت: من الأمن.
(١١) ساقطة من الأصل. وجاءت العبارة فى إكمال الإكمال هكذا: فمتى هى الحاجة التى يؤخر البيان إليها؟ ثم أجاب عنها بقوله: ظلمُ المخالفة يتنوع إلى كبائر وصغائر لا تنحصر، وإنما يشق عليهم حمله على ظلم المخالفة إذا عمم فى جميع صورها، فأخذ العموم لازمٌ، سواء جعل من تعميم الجنس فى نوعيه كما حكى الإمام، أو من تعميم النوع فى أفراده كما ذكر القاضى ١/ ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>