للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠٣ - (...) حدّثنى أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتكِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ قَالَ: سُئِلَ أنَسُ بْنُ مَالِكِ عَنْ خِضَابِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: لَوْ شِئْتُ أَنْ أعُدَّ شَمَطَاتٍ كُنَّ فِى رَأسِهِ فَعَلْتُ. وَقَالَ: لَمْ يَخْتَضِبْ، وَقَدِ اخْتَضَبَ أَبُو بَكْرِ بِالْحنَّاءِ وَالْكَتَمِ، وَاخْتَضَبَ عَمَرُ بِالْحِنَّاءِ بَحتًا.

ــ

سلمة أنها أخرجت لهم شعرات من شعر رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حمراء مخضوبة بالحناء والكتم (١).

فاختلف الناس، هل خضب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لا؟ فمنعه الأكثر لحديث أنس، وهو قول مالك. وذهب بعض أصحاب الحديث أنه خضب، واحتجوا بحديث أم سلمة هذا، وبقول ابن عمر: أنه رأى النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصبغ بالصفرة. وقد تقدم اختلاف التأويل فى هذا، لكن الطبرى رواه: " يصفر لحيته ".

وجمع بعضهم بين هذا بما أشار إليه أنس من قوله فى حديث أم سلمة: " ما أدرى ما هذا الذى يحدثون إلا أن يكون ذلك من الطيب الذى يطيب به شعره " وذلك أنه كان - عليه السلام - كثيرًا ما يستعمل الطيب وهو يغير لون الشعر ويزيل سواده، ويعجل فيه الشيب لمن أدامه، لا سيما بعض أنواعه مثل الكافور. فأشار أنس أن تغيير ذلك ليس بصبغ، وإنما هو ضعف لون سواد شعره من أجل الطيب.

وقيل: قد يكون خضابه ليس لأجل الشيب لكن لتليين الشعر وتحسينه لا لتغيير الشيب فيه. فمن نفى الخضاب أراد الذى هو الصبغ للشيب، ومن أثبته فمعناه ما ذكرناه.

ويحتمل أن تلك الشعرات تغيرت بعد موته لكثرة تطييب أم سلمة لها إكراماً لها - والله أعلم.

وأما الاختلاف فى ذكر شيبه، فقد بين أنس أيضًا أنها كانت شعرات لو شاء عَدَّها، ولأبى ذر نحو حديث أنس، وقد جاء فى بعض حديث أنس: [وليس فى رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء. وفى حديث أنس] (٢): ما كنت أدرى هل عد خمس عشرة شيبة؟ وأخبر فى حديثه الآخر: أنه " ما شانه الله ببيضاء " نفى عنه الشيب الأبيض الناصع، وأنه كان ذلك الشىء الذى ذكر على قلته مما تغير لونه عن السواد لأجل الطيب أو غيره الخضاب لأجل تليين الشعر.


(١) البخارى، ك اللباس، ب ما يذكر فى الشيب (٥٨٩٧) ولفظه: " دخلت على أم سلمة فأخرجت إلينا شعراً من شعر النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخضوبًا "، ابن ماجة، ك اللباس، ب الخضاب بالحناء (٣٦٢٣)، أحمد ٦/ ٣١٩، وزادا: " بالحناء والكتم ".
(٢) سقط من ح، واستدرك بهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>