للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥٦ - (...) وحدثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِىُّ، حَدَثَّنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْع، حَدَثَّنَا خَالِدُ الْحَذَّاءُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: أَنْبَأَنَا أَبُو هَرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلاَمُ رَجُلاً حَيِيًّا. قَالَ: فَكَانَ لاَ يُرَى مُتَجَرِّداً. قَالَ: فَقَالَ بَنُو إسْرَائِيلَ: إِنَّهُ آدرُ. قَالَ: فَاغْتَسَلَ عَنْدَ مُوَيْهٍ، فَوَضَعَ ثَوْبَهُ عَلَى حَجَرٍ، فَانْطَلَقَ الْحَجَرُ يَسْعَى، وَاتَّبَعَهُ بِعَصَاهُ يَضْرِبُهُ: ثَوْبِى، حَجَرُ! ثَوْبِى حَجَرُ! حَتَّى وَقَفَ عَلَى مَلأ مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ، وَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا} (١).

١٥٧ - (٢٣٧٢) وحدثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ - قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنَا. وَقَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا - عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى

ــ

وفيه أن ستر العورة لم يكن وحياً فى شرع موسى؛ إذ ذكر فإنه إنما فعل ذلك حياء، هانه لم ينكر على قومه ما كانوا يفعلونه، هان الله تعالى أظهر ذلك منه لقومه حتى نظروا إليه.

وفيه خرق العادة فى الجماد. وآيتان لموسى فى هذا الحجر عظيمتان: إحداهما: مشى الحجر بثوبه، والثانية: حصول الندب فى الحجر من ضربه بعصاه، والندب هنا: الأثر بفتح الدال، وأصله: أثر الجرح إذا لم يرتفع عن الجلد.

قال الإمام: ومعنى: " جمح موِسى بأثره ": أى أسرع فى مشيه إسراعاً، لا يرد وجهه. ومنه قوله تعالى: {وَهُمْ يَجْمَحُون} (٢)، قال القاضى: أسرع وراء ثوبه. وفرس جموح: أى سريع، وهو مدح. وقد يكون ذماً، وهو الذى يركب رأسه ولا يرده لجام، وكل شىء مضى لوجهه فقد جمح كذا. وعلق وجعل وأقبل وظل معناه كله: ما زال يفعل، ويقال: طفَق وطفِق، بفتح الفاء وكسرها.

والمشربة هنا - والله أعلم - بفتح الميم، المراد بها: الشربة، وهى حفرة فى أصل النخلة، يجتمع فيها الماء لسقيها. والمشربة، بكسر الميم: الذى يشرب، فسمى مشربة. والمشربة - أيضاً -: أرض لبنة فيها نبت. والمشربة: الغرفة، هذه بفتح الراء وضمها.

ومن رواه: " مُوَيْهٍ " فهو تصغير ماء، وأراه مصحفاً من المشربة - والله أعلم - وهى روايتنا من طريق العذرى.

قال الإمام: جعل بعض المحدثين هذا الحديث حجة فى جواز نزول الرجل الماء عرياناً،


(١) الأحزاب: ٦٩.
(٢) التوبة: ٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>