للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى انْتَهيَا إِلَى الصَّخْرَةِ، فَعُمِّىَ عَلَيْهِ، فَانْطَلَقَ وَتَرَكَ فَتَاهُ، فَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِى الْمَاءِ، فَجَعَل لا يَلتَئمُ عَلَيْهِ، صَارَ مِثْلَ الْكُوَّةِ ". قَالَ: " فَقَالَ فَتَاهُ: ألا أَلْحَقُ نَبِىَّ الله فَأَخْبِرَهُ؟ " قَالَ: " فَنُسِّىَ، فَلَمَّاَ تَجَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ: {آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} (١) ". قَالَ: " وَلَمْ يُصِبْهُمْ نَصَبٌ حَتَّى تَجَاوَزَا ". قَالَ: " فَتَذكَّرَ. قَالَ: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِية إِلاَّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا. قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا} (٢). فَأَرَاهُ مَكَانَ الْحُوتِ. قَالَ: هَهُنَا وُصِفَ لِى ". قَالَ: " فَذَهَبَ يَلْتَمِسُ، فَإِذَا هُوَ بِالْخَضِرِ مُسَجى ثَوْبًا، مُسْتَلْقِيًا عَلَى الْقَفَا -

ــ

ورجليه وجميعه، ألا تراه كيف قال: " فكشف الثوب عن وجهه ". وأصله، (٣) من سجا الليل: إذا غطى سواده النهار، وقد جاء فى كتاب البخارى مبيناً، قال: " قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه " (٤).

وقوله: " مستلقياً على القفا - أو [قال] (٥): على حلاوة القفا " بفتح الحاء. قال صاحب العين: هو وسطه. فيه جواز النوم كذلك وهو الاستلقاء. والاستلقاء [بل هو] (٦) مستحمب عند بعضهم للتفكير فى ملكوت السماوات والأرض. يقال: حَلاوة القفا وحُلاوة القفا، بالفتح والضم. وقال أبو عبيد: بالضم، قال: ويجوز بالفتح وليس بمعروف، وحلاوة القفا بالفتح ممدود، وحلاوى بالضم مقصور. وحكى أبو على: حلاوا [القفا] (٧) ممدود أيضاً. وفى بعض روايات البخارى: أنه وجده على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى بثوبه (٨). وكبد البحر: وسطه، وكبد كل شىء: وسطه. والطنفسة: بساط صغير كالنمرقة، يقال بكسر الطاء والفاء وضمهما، وبكسر الطاء وفتح الفاء، وهو الأصح. وحكى أبو حاتم فتح الطاء وكسرها.

وقوله: " فقال - يعنى موسى -: [عليكم السلام] (٩) ": فيه تسليم الماشى والمجتاز على المقيم، والقاعد والمضطجع. ورد الخضر عليه [ثم] (١٠) قال: " أنّى بأرضك السلام؟! "، أى من أين يأتى، بمعنى حيث وكيف وأين ومتى. وهذا يدل أن السلام لم يكن عندهم معروفاً إلا فى خاصة الأنبياء والأولياء، أو كان موضع لقياهم ببلاد


(١) الكهف: ٦٢.
(٢) الكهف: ٦٣، ٦٤.
(٣) من هامش ح.
(٤) البخارى، ك التفسير، ب {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} ٦/ ١١٣.
(٥) من هامش ح.
(٦) لفظة زائدة ليس لها معنى، والكلام يستقيم بدونها.
(٧) فى هامش ح.
(٨) البخارى، ك التفسير، ب {فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا} ٦/ ١١٣.
(٩) فى ح: السلام عليكم.
(١٠) من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>