للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَىُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: " عَائِشَةُ " قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: " أَبُوهَا " قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: " عُمَرُ "، فَعَدَّ رِجَالاً.

ــ

وفى هذا الحديث بعد حديث محمد بن مسلم وابن بشار بسندهما عن عبد الله قال: وحدثنا [أبو] (١) جعفر بن عون (٢)، عن ابن أبى مليكة، عن عبد الله، قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لو كنت مُتخذاً خليلاً " بسند حميد هنا عند الطبرى [وحده] (٣) فسقط للباقين.

وقوله: من أحب إليك؟ قال: " عائشة "، قلت: من الرجال؟ قال: " أبوها "، قلت: ثم من؟ قال: " عمر "، فعد رجالاً، وقوله فى الحديث الآخر: " من كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستخلفاً لو استخلف؟ قالت: أبو بكر، فقيل لها: ثم من بعد أبى بكر؟ قالت: عمر؟ ثم قيل لها: [ثم] (٤) بعد عمر؟ قالت: أبو عبيدة ". قال الإمام: اختلف الناس فيمن يستحق الإمامة بعد النبى - عليه الصلاة والسلام؟ فذهب أهل السنة إلى أنه الصديق، وذهبت الشيعة إلى أنه على، وذهبت الراوندية إلى أنه العباس.

فمن خالف أهل السنة رأى الترجيح بالقرابة، فقال بعضهم: علىٌّ؛ لقربه ومصاهرته، وما ظهر من علمه وشجاعته. وقال بعضهم: العباس؛ لأنه المستحق للميراث، وهو أولى به من على، فكان أولى بالخلافة.

وأنكر أهل السنة أن يكون مجرد القرابة يوجب الخلافة، وإنما يوجبها الحصول على مرتبة من الدين والعلم، وغير ذلك من الأوصاف التى ذكرها العلماء فى كتب الإمامة. وقد قال - عز وجل -: {إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ أِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ} (٥) ولسنا نقول: إن أحدًا من قرابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظالم، ولكن وجه الاستدلال أن مجرد القرابة لا يوجب الولاية إذا منع منها مانع، وهو الظلم، فكذلك إذا منع منها مانع وهو وجوباً للأفضل.

وأما غلو الشيعة بقولهم: فإن علياً - رضى الله عنه - وصىُّ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فباطل


(١) ساقطة من ح.
(٢) هو أبو عون جعفر بن عون بن جعفر بن عمر بن حريث المخزومى القرشى، روى عن هشام بن سعد وهشام بن عروة وغيرهما، وعنه عبد بن حميد، وإسحاق بن منصور وابن أبى شيبة وغيرهم، وثقه ابن معين، مات سنة ٢٠٧ هـ عن ٩٩ سنة. انظر: التهذيب ٢/ ١٠١، رجال مسلم ١/ ١٢٤.
(٣) فى هامش ح.
(٤) ساقطة من ز، والمثبت من ح.
(٥) البقرة: ١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>