للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ: " أمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى؟ غَيْرَ أَنَّهُ لا نَبِىَّ بَعْدِى ".

(...) حدّثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، فِى هَذَا الإِسْنَادِ.

٣٢ - (...) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ - وَتَقَارَبَا فِى اللَّفْظِ - قَالا: حَدَّثَنَا حَاتِمٌ - وَهُوَ ابْنُ إِسْمَاعِيلَ - عَنْ بُكَيْرِ بْنِ مِسْمَارٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِى وَقَّاصٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ سَعْدًا فَقَالَ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسُبَّ أَبَا التُّرَابِ؟ فَقَالَ: أَمَّا مَا ذَكَرْتُ ثَلاَثاً قَالَهُنَّ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَنْ أَسُبَّهُ، لأَنْ تَكُونَ لِى وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَحَبُّ إِلَىَّ مِنْ حُمْرِ النَّعَمِ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَهُ، خَلَّفَهُ فِى بَعْضِ مَغَازِيهِ، فَقَالَ لَهُ عَلِىٌّ: يَا رَسُولَ اللهِ، خَلَّفْتَنِى مَعَ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى، إِلا أَنَّهُ لا نُبُوَّةَ بَعْدِى ". وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ يَوْمَ خَيْبَرَ: " لأُعْطِيَنَّ الرَّايَةَ رَجُلاً يُحِبُّ الله وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ الله وَرَسُولُهُ ".

ــ

ثم اختلفوا بعد فى تقديم غيره، فكفرت الروافض سائر الصحابة فى تقديمهم غيره، ثم كفر بعضهم عليًّا لأنه لم يقم فى طلب حقه، وهؤلاء استحق مذهبنا من أن يرد عليهم، وقد قالوا بأشنع من هذا فيمن هو أفضل مما ذكرنا، ولا امتراء فى كفر القائلين بهذا؛ لأن من كفر الأمة كلها والصدر الأول فقد أبطل نقل الشريعة وهدم الإسلام، وأما من عداهم فإنهم لا يسلكون هذا. فأما الإمامية وبعض المعتزلة فتخطئهم، وأما بعض المعتزلة فلا يقول ذلك لقولها بجواز تقديم المفضول على الفاضل فى الإمامة على ما تقدم من الخلاف فى ذلك.

وهذا الحديث بكل حال لا حجة فيه لأحد منهم، بل فيه من فضائل على ومنزلته ما لا يحط من منزلة غيره، وليس فى قوله هذا دليل على استخلافه بعده؛ لأنه إنما قال له حين استخلفه على المدينة فى غزوة تبوك، فقال له ذلك لا [لا] (١) ستخلافه بعده، بدليل أن هارون الذى يستشهد به لم يكن خليفة بعد موسى، وإنما مات فى حياته، وقبل موت موسى بنحو أربعين سنة على ما قال أهل الخبر، إنما استخلفه موسى حين ذهب لمناجاة ربه فقال له: {اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي} (٢) كما نص الله تعالى.

وقوله: " غير أنه لا نبى بعدى " معناه - والله أعلم - لما ذكر.


(١) من ح.
(٢) الأعراف: ١٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>