للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِى لا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنَّى أَخَافُ أَلا أَذَرَهُ، إِنْ أَذكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ.

قَاَلتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِى الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ.

ــ

الخطابى (١): معنى البعير فى هذا أن يكون قد وصفته بسوء الخلق، والترفع لنفسه، والذهاب بها زهوًا وكبرًا، يريد أنه مع قلة خيره وبر أدبه قد يتكبر على العيش ويجمع إلى منع الرفد الأذى وسوء الخلق.

قال أبو عبيد: وقولها: " لا سمين فينقى ": أى يستخرج نقيه، والنقى: المخ. يقال: نقوت العظم ونقيته وأنقيته: إذا استخرجت نقيه. ومن رواه: " فينتقل " أى ليس سميناً ينقله الناس إلى بيوتهم يأكلونه، ولكنهم يزهدون فيه. قال الخطابى: يريد أنه ليس فى جانبه طرف فيحمل سوء عشرته لذلك. يقال: أنقلت الشىء، أى نقلته.

قال أبو عبيد: وقول الثانية: " أذكر عجره وبجره ": العجر: أن يتعقد العصب أو العروق حتى تراها ناتئة من الجسد، والبجر نحوه، إلا أنها فى البطن خاصة وواحدتها بجرة. ومنه قيل: رجل أبجر، إذا كان عظم البطن، وامرأة بجراء، الجمع بجر، [يقال: رجل أبجر، إذا كان - ناتئ السرة عظيمها] (٢). قال الهروى (٣): قال ابن الأعرابى: العجرة: نفخة فى الظهر، فإذا كانت فى السرة فهى بجرة. ثم ينقلان إلى الهموم والأحزان. قال الخطابى: أرادت بالعجر والبجر عيوبه الباطنة وأسراره الكامنة (٤). وقال الأصمعى فى قول على - رضى الله عنه -: " إلى الله أشكو عجرى وبجرى ": أى همومى وأحزانى.

قال القاضى: وقال ابن السكيت: معنى " عجره وبجره ": أى أسراره.

وفى قولها: " أخاف ألا أذره " تأويلان: أحدهما ذهب إليه ابن السكيت: أن الهاء عائدة على ذكره وصبره لطوله وكثرته وإن بدأته لم يقدر على تمامه، وقيل: إنها عائدة على الزوج وهو المراد، كأنها خشيت فراقه إذا ذكرته وبلغه، وكأنها كانت تحبه وتكون " لا " هنا زائدة، كما قال تعالى: {مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ} (٥).

قال الإمام: قال أبو عبيد: وقول الثالثة: " زوجى العشنق ": هو الطويل، تقول: ليس عنده أكثر من طوله بلا نفع، إن ذكرت ما فيه من العيوب إن نطقتُ طلقنى،


(١) انظر: غريب الحديث ٢/ ٨٤٩.
(٢) فى هامش ح.
(٣) انظر: غريب الحديث ٢/ ٢٩٠.
(٤) فى ز: الكائنة، والمثبت من ح.
(٥) الأعراف: ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>