للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَانْطَلَقَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: يَقُولُ أَبُو طَلْحَةَ: إِنَّكَ لَتَعْلَمُ، ياَرَبِّ، إِنَّهُ يُعْجِبُنِى أَنْ أَخْرُجَ مَعَ رَسُولِكَ إِذَا خَرَجَ، وَأَدْخُلَ مَعَهَ إِذَا دَخَلَ، وَقَدِ احْتُبَسْتُ بِمَا تَرَى. قَالَ: تَقُولُ أُمُّ سُلَيْمٍ: يَا أَبَا طَلْحَةَ، مَا أَجِدُ الَّذِى كُنْتُ أَجِدُ، انْطَلِقْ. فَانْطَلَقْنَا. قَالَ: وَضَرَبَهَا الْمَخَاضُ حِينَ قَدِمَا، فَوَلَدَتْ غُلاَمًا.

فَقَالَتْ لِى أُمِّى: يَا أَنَسُ، لا يُرْضِعُهُ أَحَدٌ حَتَّى تَغْدُوَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَلَمَّا أَصْبَحَ احْتَمَلْتُهُ، فَانطَلَقْتُ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَصَادْفْتُهُ وَمَعَهُ مِيسَمٌ. فَلَمَّا رَآنِى قَالَ: " لَعَلَّ أُمَّ سُلَيْمٍ وَلَدَتْ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. فَوَضَعَ الْمِيسَمَ. قَالَ: وَجِئْتُ بِهِ فَوَضَعْتُهُ فِى حَجْرِهِ، وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَجْوَةٍ مِنْ عَجْوَةِ الْمَدِينَةِ، فَلاكَهاَ فِى فِيهِ حَتَّى ذَابَتْ، ثُمَّ قَذَفَهَا فِى فِى الصَّبِىِّ، فَجَعَلَ الصَّبِىُّ يَتَلَمَّظُهَا. قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " انْظُرُوا إِلَى حُبِّ الأَنْصَارِ التَّمْرَ ". قَالَ: فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَسَمَّاهُ عَبْدَ اللهِ.

(...) حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ خِرَاشٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا سُليْمَانُ ابْنُ المُغِيرَةِ، حَدَّثَنَا ثاَبِتٌ، حَدَّثَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، قَالَ: مَاتَ ابْنٌ لأَبِى طَلْحَةَ. وَاقْتصَّ الْحَدِيثَ بِمَثْلِهِ.

ــ

قال الإمام: وقوله: " ومعه ميسم ": والميسم: ما يوسم به البعير. والسمة: العلامة، ومنه قوله تعالى: {سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُوم} (١) أى سنجعل على أنفه سواداً يوم القيامة يعرف به. وقيل: عبر عن الوجه بالخرطوم؛ لأنه منه. والمعنى: سنسم وجهه. والخرطوم من الإنسان الأنف، ومن السباع موضع الشفة.


(١) القلم: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>