للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأَنْصَارِ: مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ، وَأُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ، وَزَيْدُ بْنُ ثاَبِتٍ، وَأَبُو زَيْدٍ.

قَالَ قَتَادَةُ: قُلْتُ لأَنَسٍ: مَنْ أَبُو زَيْدٍ؟ قَالَ: أَحَدُ عُمُومَتِى.

ــ

عنهم [حفظ] (١) جميع القرآن فى كتابنا " المترجم بقطع لسان النابح فى المترجم بالواضح "، وهو كتاب نقضنا فيه كلام رجل وصف نفسه بأنه كان من علماء المسلمين، ثم ارتد وأخذ يلفق قوادح فى الإسلام، فنقضنا أقواله فى هذا الكتاب، وأشبعنا القول فى هذه المسألة، وضبطناه فى أوراق، فمن أراد مطالعته فليقف عليه هناك.

وقد أشرنا فيه إلى تأويلات لهذا الخبر، وذكرنا اضطراب الرواة فى هذا المعنى، فمنهم من زاد فى هذا العدد، ومنهم من نقص منه ومنهم من أنكر أن يجمعه أحد، وأنه قد يتأول على أن المراد يعلم بجميعه: بجميع قراءاته السبع، وفقهه، وأحكامه والمنسوخ منه سوى أربعة.

ويحتمل - أيضاً - أن - يراد به أنه لم يذكر أحد عن نفسه أنه أكمله فى حياة النبى - عليه الصلاة والسلام - سوى هؤلاء الأربعة؛ لأن من أكمله سواهم كان يتوقع نزول القرآن ما دام - عليه الصلاة والسلام - حيًّا، فقد لا يستجيز النطق بأنه أكمله واستجازه هؤلاء، ومرادهم أنهم أكملوا الحاصل منه.

ويحتمل - أيضاً - أن يكون من سواهم لم ينطق بإكماله خوفاً من المراءاة به، وأحتياطاً على النيات، كما يفعل الصالحون فى كثير من العبادات، وأظهر هؤلاء الأربعة ذلك؛ لأنهم أمنوا على أنفسهم، أو لرأى اقتضى ذلك عندهم، وكيف تعرف النقلة أنه لم يكمله سوى أربعة؟ وكيف يتصور الإحاطة بهذا وأصحاب النبى - عيه الصلاة والسلام - متفرقون فى البلاد؟ وهذا لا يتصور حتى يلقى الناقل كل رجل منهم فيخبره عن نفسه أنه لم يكمل القرآن، وهذا بعيد تصوره فى العادة، كيف وقد نقل الرواة إكمال بعض النساء لقراءته، وقد اشتهر حديث عائشة - رضى الله عنها - وقولها: " كنت جارية حديثة السن لا أقرأ كثيراً من القرآن " ولم يذكر فى هؤلاء الأربعة أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب - رضى الله عنهما - وكيف يظن بهذين اللذين هما أفضل الصحابة أنهما لم يحفظاه وحفظه من سواهما؟

وهذا كله يؤكد ما قلناه؛ على أن الذى رواه مسلم ليس بنص جلى فيما أراده القادح، وذلك أنه قصارى ما ذكر أن أنساً قال: " جمع القرآن على عهد النبى - عليه الصلاة والسلام - أربعة، كلهم من الأنصار " فقد يكون المراد: أنى لا أعلم سوى هؤلاء الأربعة، ولا يلزمه أن يعلم كل الحافظين لكتاب الله، أو يكون أراد من أكمله من الأنصار، وإن كان قد أكمله من المهاجرين خلق كثير، فإذا كان فى الخبر هذه الطرائق


(١) من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>