للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حُلَّةُ حَرِيرٍ، فَجَعَلَ أَصْحَابُهُ يَلمِسُونَهَا وَيَعْجَبُونَ مِنْ لِينِها. فَقَالَ: " أَتَعْجَبُونَ مِنْ لِينِ هَذِهِ؟ لَمَنَادِيلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِى الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنْهَا وَأَلْيَنُ ".

(...) حدّثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَنْبَأَنِى أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: أُتِىَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَوْبِ حَرِيرٍ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِى قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. بِنَحْوِ هَذَا أَوْ بِمِثْلِهِ.

ــ

وإنما يعنى ارتياحه إليها وقبوله عليها، وذلك مشهور [فى الأشعار. وقال بعض أهل العلم: إن المراد بذلك السرير] (١) الذى حمل عليه سعد، وسُمى ذلك عرشاً.

وما أدرى هؤلاء تأولوا هذا إلا على ما وقع فى بعض الروايات: " اهتز العرش "، فحذف أسم الرحمن جلت قدرته، وأما مع ذكر اسمه - سبحانه وتعالى - كما رواه مسلم فيبعد هذا التأويل.

قال القاضى: روى عن ابن عمر هنا: أن العرش هنا هو سرير الميت. وكذلك جاء فى حديث البراء فى الصحيح: " اهتز السرير " (٢)، وتأوله الهروى فراح يحمله عليه، وقد أنكر جابر بن عبد الله هذه اللفظة قديماً فى الحديث على قائلها، وتأول الحربى (٣) " أهتز العرش " على تعظيم شأن وفاته، قال: والعرب تنسب الأمر إذا عظمته لأعظم الأشياء فيقولون: قامت لموت فلان القيامة، وأظلمت له الأرض. فحمله على مجاز الكلام.

وقوله: " أهديت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حلة حرير ": كذا جاء فى حديث محمد بن الثنى وابن بشار بالحاء واللام، وفى غيره: " جبة " بالجيم والباء، وهو أوجه فى كلام العرب، وعلى مذهب من يرى الحلة إنما هو لباس ثوبين يحل أحدهما على الآخر، وأن الثوب الفرد لا يسمى حلة. ومن يذهب إلى أن الحلة هو الثوب الجديد الذى حل من طيه فيصح، لكن جاء فى السير: إنما قباء من ديباج مخوص [بالذهب] (٤). وقد روى البخارى الوجهين " جبة " (٥) و " حلة " (٦).


(١) سقط من ز، والمثبت من ح.
(٢) البخارى، ك مناقب الأنصار، ب مناقب سعد بن معاذ ٥/ ٤٤.
(٣) انظر: غريب الحديث لأبى إسحاق الحربى ٣/ ١١٣٥.
(٤) فى هامش ح.
(٥) البخارى، ك مناقب الأنصار، ب مناقب سعد ٥/ ١٤٤.
(٦) البخارى، ك بدء الخلق، ب ما جاء فى صفة الجنة ٤/ ١٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>