للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقِيلَ لِىَ: اسْتَمسِكْ.

فَلَقَدِ اسْتَيْقَظْتُ وَإِنَّها لَفِى يَدِى، فَقَصَصتُها عَلَى النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " تِلْكَ الرَّوْضَةُ الإسْلامُ، وَذَلِكَ العَمُودُ عَمُودُ الإسْلامِ، وتِلْكَ العُرْوَةُ عُرْوَةُ الوُثْقَى، وَأَنْتَ عَلَى الإسْلامِ حَتَّى تَمُوتَ ".

قَالَ: وَالرَّجُلُ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلامٍ.

١٤٩ - (...) حَدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ عَبَّادِ بْنِ جَبَلَةَ بْنِ أَبِى رَوَّاد، حَدَّثَنَا حَرَمىُّ ابْنُ عُمَارَةَ، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: قَالَ قَيْسُ بْنُ عُبَادٍ: كُنْتُ فِى حَلْقَةٍ فِيهَا سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ وَابْنُ عُمَرَ، فَمَرَّ عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلاَمٍ. فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةَ. فَقُمْتُ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ قَالُوا كَذَا وَكَذَا. قَالَ: سُبْحَانَ الله! مَا كَانَ يَنْبَغِى لَهُمْ أَنْ يَقُولُوا مَا لَيْسَ لَهُمْ بِهِ عِلْمٌ، إِنَّمَا رَأَيْتُ كَأَنَّ عَمُودًا وُضِعَ فِى رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ،

ــ

وقوله. " فرقيت " بكسر القاف: أى صعدت، وهى اللغة الفصيحة فى هذا، وقد قيل فيه بفتح القاف، وقد جاء فى الروايتين فى مسلم والموطأ وغيرهما فى غير هذا الموضع، وشهادة هؤلاء لعبد الله بن سلام أنه من أهل الجنة وليس فى الحديث الذى ذكره عن النبى - عليه الصلاة والسلام - إلا أنه أخبر أنه يموت على الإسلام والاعتصام بعروته الوثقى، حجة على اتفاقهم على مذهب أهل السنة، أنه من مات على الإسلام فهو من أهل الجنة على كل حال، وإن كان من العاصين، وأن الله لا يحرم عليه الجنة، وأمره بعد إلى الله تعالى، إن شاء عاقبه قبل دخوله الجنة، وإن شاء عفا عنه.

[وفيه أنه لا يقطع بالجنة إلا لمن أعلم النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحاله فى ذلك، من موته على الإسلام، وأنه من أهل الجنة إذ الخاتمة مغيبة عنا] (١). لكن قد ذكر مسلم من رواية سعد ابن أبى وقاص: " ما سمعت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول لحى يمشى أنه من أهل الجنة، إلا لعبد الله بن سلام "، فلعل هؤلاء بلغهم خبر سعد ولم يبلغ ذلك عبد الله بن سلام، أو لم يرد ذكره خبراً وتستراً.

وقول عبد الله بن سلام (٢): " ما كان ينبغى لهم أن يقولوا ما ليس لهم به علم ": على طريق التواضع وكراهة الشهرة، أو لقطعهم على ذلك من جهة الدليل لا من جهة


(١) سقط من ز، والمثبت من ح.
(٢) فى ز، ح: عبد الله بن عباس، وهذا ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>