للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وايْمُ اللهِ، لا أَطْعَمُ طَعَامًا وَلاَ أَشْرَبُ شَرَابًا حَتَّى أَذْكُرَ مَا قُلْتَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَحْنُ كُنَّا نؤْذَى وَنُخَافُ، وَسأَذْكُرُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَسْأَلُهُ. وَوَاللهِ، لا أَكْذبُ وَلاَ أَزِيغُ وَلاَ أَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ. قَالَ: فَلَمَّا جَاءَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ، إِنَّ عُمَرَ قَالَ كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَيْسَ بِأَحَقَّ بِى مِنْكُمْ، وَلَهُ وَلأَصْحَابِهِ هِجْرَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَكَمْ أَنْتُمْ، أَهْلَ السَّفِينَةِ، هِجْرَتَانِ ".

قَالَتْ: فَلَقَدْ رَأيْتُ أَبَا مُوسَى وَأصْحَابَ السَّفِينَةِ يَأتُونِى أَرْسَالاً، يَسْأَلُونِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ. مَا مِنَ الدُّنْيَا شَىْءٌ هُمْ بِهِ أَفْرَحُ وَلا أَعْظَمُ فِى أَنْفُسِهِمْ مِمَّا قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ أَبُو بُرْدَةَ: فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ أَبَا مُوسَى، وَإِنَّهُ لَيَسْتَعِيدُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنِّى.

ــ

بذلك عندهم (١)، وخبره معهم فى توريته عن الإسلام معروف.

وقولها لعمر: " كذبت " معناه: أخطأت، وقد استعملوا الكذب بمعنى الخطأ.

وقولها: " ولقد رأيت أبا موسى وأصحاب السفينة يأتونى أرسالا يسألونى عن هذا الحديث "، قال الإمام: يعنى: أفواجا فرقاً منقطعة، يقال: أورد إبله أرسالاً: إذا أوردها منقطعة، وأوردها عراكاً: إذا أوردها جماعة.

قال القاضى: وقوله: " إن هذا رد على البُشرى " للأعرابى الذى قال له: أكثرت على من أبشر (٢): قول من لم يتمكن الإيمان من قلبه ممن كان يستألفه النبى - عليه الصلاة والسلام - من أشراف العرب، يستألف بهم قومهم وأمثالهم. وقد جاء معنا أنه من بنى تميم وهو - والله أعلم - الذين نادوه من وراء الحجرات وأمثالهم، وقد قال الله تعالى فى أولئك: {أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} (٣) ولو صدر [مثل] (٤) هذا الكلام من مسلم لكان قوله هذا كفراً وردّة؛ لأن فيه تهمة للنبى - عليه الصلاة والسلام - واستخفافاً بصدق قوله ووعده.


(١) فى ح: عنهم.
(٢) سبق فى حديث رقم (١٦٤) من هذا الكتاب.
(٣) الحجرات: ٤.
(٤) ساقطة من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>