للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٢٢ - (٢٥٤١) حدّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ، قَالَ: كَانَ بَيْنَ خَالِدِ بْنِ الْوَليدِ وَبَيْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ شَىءٌ، فَسَبَّهُ خَالِدٌ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَسُبُّوا أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِى، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ

ــ

العرب تسمى النصف النصيف، كما قالوا فى العشر عشير، وفى الخمس: خميس، وفى الثمن: ثمين، وفى التسع: تسيع. قال أبو زيد والأصمعى: قال أبو عبيد: واختلفوا فى السبع والسدس والربع، فمنهم من يقول: [سبع وسدس] (١) وربيع. ومنهم من لا يقول ذلك، ولا أسمع أحدًا منهم يقول فى الثلث شيئاً.

قال القاضى: يقال: نِصْف ونُصْف ونَصف ونصيف، ومعناه: نصيفه، أى نصف مدة المذكور فى الصدقة، أى أجرهم هم مضاعف لمكانهم من الصحبة، حتى لا يوازى إنفاق مثل أحد ذهبا صدقة اْحدهم بنصف مد، وما بين هذا التقدير لا يحصى.

وهذا يقتضى ما قدمناه من قول جمهور الأمة من تفضيلهم على من سواهم بتضعيف أجورهم؛ ولأن اتفاقهم كان فى وقت الحاجة والضرورة وإقامة الأمر وبدء الإسلام،، وإيثار النفس، وقلة ذات اليد ونفقة غيرهم بعد الاستغناء عن كثير منها مع سعة الحال، وكثرة ذات اليد؛ ولأن إنفاقهم كان فى نصرة ذات النبى - عليه الصلاة والسلام - وحمايته، وذلك معدوم بعده، وكذلك جهادهم وأعمالهم كلها، وقد قال تعالى: {لا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ} الآية (٢). هذا فرق ما فيهم أنفسهم من الفضل وبينهم من البون، فكيف لمن يأتى بعدهم؟ فإن فضيلة الصحبة واللقاء ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا ينال درجتها شىء، والفضائل لا تؤخذ بقياس، {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ} (٣).

وقد ذهب بعض أصحاب الحديث والنظر إلى هذا كله فى خاصة أصحابه، وجوز هذه الفضيلة لن أنفق معه وقاتل، وهاجر، ونصر، لا لمن زاره مرة ولقيه مرة من القبائل أو صحبه آخر مرة وبعد فتح مكة، واستقرار الإسلام ممن لم يقر بهجرة ولا حض بنصرة ولا اشتهر بمقام محمود فى الدين، ولا عرف باستقلال بأمر من أمور الشريعة ومنفعة المسلمين والقول الأول لظاهر الآثار أظهر، وعليه الأكثر.

وسب أصحاب النبى - عليه السلام - وتنقصهم أو أحد منهم من الكبائر المحرمة، وقد لعن النبى - عليه الصلاة والسلام - فاعل ذلك، وذكر أنه من آذاه وآذى الله فإنه لا يقبل منه صرف ولا عدل. واختلف العلماء: ما يجب عليه؟ فعند مالك ومشهور مذهبه إنما فيه


(١) فى ح: سبيع وسديس.
(٢) الحديد: ١٠.
(٣) الحديد: ٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>