للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ. قَالَ: ثُمَّ قَالَ لِىَ: " اذْهَبْ فَادْعُ لِى مُعَاوِيَةَ ". قَالَ: فَجِئْتُ فَقُلْتُ: هُوَ يَأْكُلُ فَقَالَ: " لَا أَشْبَعَ اللَّهُ بَطْنَهُ ".

قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: قُلْتُ لِأُمَيَّةَ: مَا حَطَأَنِى؟ قَالَ: قَفَدَنِى قَفْدَةً.

٩٧ - (...) حَدَّثَنِى إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنَا أَبُو حَمْزَةَ، سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُنْتُ أَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاخْتَبَأْتُ مِنْهُ، فَذَكَرَ بِمِثْلِهِ.

ــ

وضحك النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من خوف أم سليم وهيبتها من إجابة دعوته، قيل: إنه - عليه الصلاة والسلام - لم يقصد الدعاء عليها، إلا كما تقدم من الجارى على لسان العرب.

وقوله: " تلوث خمارها ". أى تديره على رأسها.

وقوله: " كنت ألعب مع الصبيان ": فيه جواز ترك الصبيان لذلك.

وقوله: فجاء رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحطأنى حطأة - بحاء وطاء مهملة والطاء ساكنة مهموز - وقال: " اذهب فادع لى معاوية " فجئت، فقلت: هو يأكل إلى قوله: " لا أشبع الله بطنه "، قال الإمام: يحمل على أنه من القول السابق إلى اللسان من غير قصد إلى وقوعه، ولا رغبة إلى الله تعالى فى استجابته.

وأما قوله: " فحطأنى حطأة " ذكر مسلم عن أمية - يعنى ابن خالد - فى معناه: " قفدنى قفدة " بتقديم القاف. قال الهروى فى حديث ابن عباس هذا: " فحطانى حطوة " جاء به الراوى غير مهموز، وقال ابن الأعرابى: الحطو: تحريك الشىء مزعزعاً له، ورواه شمر بالهمز، وحكى عن غيره: لا تكون الحطأة إلا ضربة بالكف [على] (١) بين الكتفين.

قال القاضى: الحطاة، قيل: لا تكون إلا [بالضرب باليد] (٢) مبسوطة. وتفسير أمية لها بالقفد قريب منه، وهو صفح القفا، وقيل: صفح الرأس، ويحتمل أن فعل النبي به ذلك ليس على طريق الصفع والعقاب؛ إذ لم يتقدم بالخبر ما يوجب ذلك، ولكنه على طريق ما يفعل بالصغار والشباب من الملاعبة والتأنيس لهم، كما قيل: أذَّن ابن عباس فى الصلاة. ويحتمل أنه قصد تأديبه على أمر فرّط فيه لمن أمره واشتغل باللعب عنه. ولذلك يحتمل أن دعاءه على معاوية كان على طريق جد وتحقيق وضجر عليه؛ إذ لم يبادر بإجابة دعوته المرة بعد الثانية، ولعله ظن أنه أمر على تراخ وغير معجل، أو كان محتاجاً إلى الطعام.


(١) زائدة فى ز.
(٢) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>