للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ، وَهُوَ ابْنُ مُحَمَّدٍ الْعُمَرِىُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إِنَّ الإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيباً، وَسَيَعُودُ غَرِيباً كَمَا بَدَأَ، وَهُوَ يَأرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأرزُ الْحَيَّةُ فِى جُحْرِهَا ".

٢٣٣ - (١٤٧) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حفْص بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " إن الإيمَانَ

ــ

وقوله: " إن الإيمان ليأرِز إلى المدينة " وفى الحديث الآخر: " ليأرز (١) ما بين المسجدين "، قال الإمام: قال أبو عبيد: أى ينضَمَّ ويجتمع بعضه إلى بعض، كما تنضم الحيَّة فى جحرها.

قال القاضى: وقال ابن دريد: أرز الشىء يأرز إذا ثبت فى الأرض، وشجرة أرزة وأرزة ومعناه: أن الإيمان أوَّلاً وآخراً بهذه الصفة؛ لأنه فى أول الإسلام كان كل من خلص إيمانه وصح إسلامه أتى المدينة، إمَّا مهاجراً مُسْتوطناً لها، وإما (٢) متشوفاً [ومتقرباً إلى الله تعالى لرؤية النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٣) ومتعلماً منه، ومتبركاً (٤) بلقياه، ثم بعده هكذا فى زمان (٥). [رضى الله عنهم] (٦) وأخذ سيرة العدل منهم والاقتداء بجمهور الصحابة - رضى الله عنهم - فيها، ثم من بعدهم من علمائها الذين كانوا سُرج الوقت، وأئمة الهدى، وأخذ السنن المنشرة بها عنهم فكان كل ثابت الإيمان ومنشرح الصدر به يرحل إليها ويفد عليها، ثم يعدُ فى كل وقت وإلى زماننا هذا لزيارة قبر المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والتبرك بمشاهِدِه، وآثاره الكرام، فلا يأتيها إلا مؤمن، ولا يحمل أحداً على قصدها إلا إيمانهُ وصحة نفسه.

وقال أبو مُصْعَب الزهرى (٧) فى معنى هذا الحديث: إن المراد بالمدينة أهل المدينة،


(١) بفتح أوله وسكون الهمزة وكسر الراء، وقد تضم بعدها زاى، وحكى ابن التين عن بعضهم فتح الراء وقال: إن الكسر هو الصواب، وحكى أبو الحسن بن سراج ضم الراء، وحكى القابسى الفتح، وكله بالمعنى المذكور. والمراد بالمسجدين: مسجدى مكة والمدينة، زادهما الله تشريفاً وتعظيماً.
(٢) فى ت: أو.
(٣) من ت.
(٤) فى الأصل: ومتقرباً.
(٥) زيد بعدها فى ت: النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. ولا حاجة إليها.
(٦) من ت.
(٧) أبو مصعب الإمام الثقة، شيخ دار الهجرة، أحمد بن أبى بكر القاسم بن الحارث بن زرارة بن مصعب بن عبد الرحمن بن عوف القرشى، الزهرى، المدنى، الفقيه، قاضى المدينة. ولد سنة خمسين ومائة ولازم مالك بن أنس، وتفقه به، وسمع منه الموطأ، وأتقنه عنه، ولم يطبع إلى الآن تلك الرواية، وفيها زيادات كثيرة تزيد على مائة حديث عما فى رواية الليثى. حدَّث عنه البخارى ومسلم، وأبو داود، والترمذى، وابن ماجة وروى عنه النسائى بواسطة، وكذا روى عنه بقى بن مخلد، وأبو زرعة الرازى ومطين، وخلق كثير. سمع يوسف بن الماجشون، ومسلم بن خالد الزنجى، وحسين بن زيد بن على، وابن أبى حازم وعبد العزيز بن محمد الدراوردى، وطبقتهم. قال فيه الزبير بن بكار: هو فقيه أهل المدينة غير مدافع، مات سنة إحدى وأربعين ومائتين. سير ١١/ ٤٣٦، طبقات الحفاظ: ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>