للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ظُلْمًا؟ قَالَ: فَفَزِعْتُ مِنْ ذَلِكَ فَزَعًا شَدِيدًا، وَقُلْتُ: كُلُّ شَىْءٍ خَلْقُ اللَّهِ وَمِلْكُ يَدِهِ، فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. فَقَالَ لِى: يَرْحَمُكَ اللَّهُ إِنِّى لَمْ أُرِدْ بِمَا سَأَلْتُكَ إِلَّا لِأَحْزِرَ عَقْلَكَ، إِنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ مَا يَعْمَلُ النَّاسُ الْيَوْمَ، وَيَكْدَحُونَ فِيهِ، أَشَىْءٌ قُضِىَ عَلَيْهِمْ وَمَضَى فِيهِمْ مِنْ قَدَرٍ قَدْ سَبَقَ؟ أَوْ

ــ

أيديهم على خواصرهم من التعب. قال: ويكون معناه: أنهم يأتون يوم القيامة ومعهم أعمال يتكئون عليها. مأخوذ من الخصرة. أخبرنا بذلك الثقة عن أبى عمر وغيره، وفى حديث أبى هريرة: " نهى أن يصلى الرجل مختصراً " (١) قيل: هو أن يأخذ الرجل بيده عصا يتكئ عليها، وقيل: معناه: أن يقرأ من [آخر] (٢) السورة آية أو آيتين ولا يقرأ السورة بكمالها فى فرضه، هكذا رواه ابن سيرين (٣) عنه. ورواه غيره مختصراً. ومعنى: " لأن يصل الرجل واضعاً يده على خصره "، ومنه حديث: " الاختصار راحة أهل النار " (٤)، ونهى عن اختصار السجدة (٥) وتفسيرها على وجهين:

أحدهما: أن يختصر الآية التى فيها السجدة، فيسجد فيها.

والثانى: أن يقرأ السورة، فإذا انتهى إلى السجدة جاوزها ولم يسجد لها. ومنه أخذ مختصرات الطريق.

وقال القاضى: وقوله: " ينكت بها " أى يضرب بها فى الأرض [ويؤثر. والنكت الأثر، نكت فى الأرض] (٦): إذا أثر فيها بقضيب أو نحوه.

وقوله: " أفيما جفت به الأقلام ": عبارة عما مضت به المقادير وتم كتابه، وجف القلم الذى كتب به ذلك، أى لم يكتب بها بعد كما عهدنا نحن مما فرغنا من كتابه، فيبقى القلم جافاً للاستغناء عنه لذلك. وكتاب الله لوحه وقلمه وصحيفته التى ذكر فى الحديث من غيبه، وسر علمه الذى يلزمنا الإيمان والتصديق به، وكيفية صفة ذلك فى علم الله - جل جلاله - لا يحاط بشىء من علمه إلا بما شاء.


(١) سبق فى ك المساجد، برقم (٤٦).
(٢) من هامش ح.
(٣) انظر: مصنف ابن أبى شيبة، ك الصلوات، ب الرجل يضع يده على خاصرته فى الصلاة ١/ ٤٠٠ رقم (٢٦٤).
(٤) ابن خزيمة فى صحيحه برقم (٩٠٩)، البيهقى فى السنن الكبرى ٢/ ٢٨٧.
(٥) انظر: مصنف ابن أبى شيبة ١/ ٣٦٦ رقم (٤٢٠٢ - ٤٢٠٩).
(٦) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>