للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) حَدَّثَنِى أَبُو الطَّاهِرِ وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ؛ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ". ثُمَّ يَقُولُ: اقْرَؤُوا: {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ}.

٢٣ - (...) حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ وَيُشَرِّكَانِهِ ". فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ مَاتَ قَبْلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: " اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا كَانُوا عَامِلِينَ ".

(...) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ. ح وحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ حَدَّثَنَا أَبِى، كِلَاهُمَا عَنْ الْأَعْمَشِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

ــ

وفيه: " أنّ الله خلق للجنة أهلاً، خلقهم لها وهم فى أصلاب آبائهم، وخلق للنار أهلاً، خلقهم لها وهم فى أصلاب آبائهم "، قال الإمام: ذهب بعض الناس إلى أن [المراد] (١) بالفطرة المذكورة فى الحديث: ما أخذ عليهم وهم فى أصلاب آبائهم، وأن الولادة تقع عليها حتى يقع التغيير بالأبوين.

وذهب بعض الناس إلى أنّ الفطرة هى: ما قضى عليه من سعادة وشقاوة يصير إليها. وهذا التأويل إنما [يليق بما] (٢) فى بعض الطرق وهو قوله: " على الفطرة " مطلقاً، وأما ما وقع فى بعض الطرق وهو قوله: " على هذه الفطرة "، وقوله فى أخرى: " إلا وهو على هذه الملة " فإن هذه الإشارة إلى فطرة معينة وملة معينة يمنع هذا التأويل: وقد يتعلق هؤلاء بقوله: " إن الغلام الذى قتله الخضر طُبِعَ كافراً " وظاهر هذا يمنع من كون كل مولود يولد على هذه الفطرة، وقد ينفصل الآخرون عنه بأن المراد به حالة ثانية طرأت عليه من التهيؤ للكفر وقبوله عليه، غير الفطرة التى ولد عليها.

وقال آخرون: يحتمل أن يريد بالفطرة ما هى (٣) له وكان مناسباً لما وضع فى العقول، وفطرة الإسلام صوابها كالموضوع فى العقل، وإنما يدفع العقل عن إدراكه آفة وتغيير من قبل الأبوين وغيرهما (٤).

وأما قوله: " الله أعلم بما كانوا عاملين "، وقوله مثل هذا لما سئل عن أولاد المشركين، وقوله لعائشة لما قالت: عصفور من عصافير الجنة: " إن الله خلق للجنة أهلاً " الحديث. فقد قدمنا الكلام فى أولاد المؤمنين، [وذكرنا أن الإجماع على أن الصغار من


(١) فى هامش ح.
(٢) من ح.
(٣) فى ح: ما هيأ.
(٤) فى الأصل. وغيره، والمثبت من ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>