للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٧ - (٢٧٥٧) حدّثنى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِىُّ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَبْدِ الغَافِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِىَّ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَنَّ رَجُلاً فِيَمنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَاشَهُ الله مَالاً وَوَلَدًا. فَقَالَ لِوَلَدِهِ: لَتَفْعَلُنَّ مَا آمُرُكُمْ بِهِ، أَوْ لأُوَلِّيَنَّ مِيرَاثِى غَيْرَكُمْ، إِذَا أَنَا مُتُّ فَأَحْرِقُونِى - وأَكْثَر عَلْمِى أَنَّهُ قَالَ - ثُمَّ اسْحَقُونِى، وَاذْرُونِى فِى الرِّيحِ، فَإِنِّى لَمْ أَبْتَهِرْ عِنْدَ الله خَيْرًا، وَإِنَّ الله يَقْدِرُ عَلَىَّ أَنْ

ــ

يدعى العلم لما وجد العالم بها إلا قليلاً.

وقيل: كان هذا فى زمن الفترة وحيث ينفع مجرد التوحيد. وقيل: قد يحتمل أن زمنهم كان حينئذ وشرعهم فيه جواز عفو الله عن الكافر، بخلاف شرعنا؛ إذ ذلك من مجوزات العقول عند أهل الحق، وإنما منعنا ذلك بالشرع، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ} (١) الآية، وفعله ما فعله من الخوف بنفسه عند الآخرين، ليس لأنه اعتقد أنه (٢) يخفى بذلك عن الله ويعجزه، بل إزراء على نفسه ومعاقبته لها بما قدر عليه بعصيانها وإسرافها، ورجاء أن ذلك ينفعه عند الله إن ضيق عليه وعاقبه على أحد التأويلين الأولين، أو قدر عليه بعثه وحشره، أو لعله لم يكن يرد حينئذ بالحشر شرع يقطع به. فيكون بالشك فيه أو التكذيب كافراً؛ إذ هو من مجوزات العقول، وإنما يعلم وجوبه ووجوده بالشرع. وفيه فضيلة الخوف والخشية، وأنها من مقامات الإيمان وأركان الإسلام، وهى التى نفعت آخراً هذا السرف وغفر له بسببها.

وأما قوله فى الرواية الأخرى: " راشه الله مالاً " بألف ساكنة وشين معجمة، كذا للرواة، وهو الصواب. وعند الفارسى: " رأسه " بهمزة وسين مهملة، ولا وجه لها هنا. قال الإمام: قال ابن الأعرابى: الرياش: المال المستعار، والريائش أيضًا: الأكل والشرب، وفى حديث عائشة - رضى الله عنها -: " كان يريش مملكها ": أى كان يفضل على المحتاج فيتحسس حالته. قال القتبى: أصله: الريش، كأن المقدم (٣) لا نهوض به (٤) مثل المقصوص من الطير، وجعل الريش مثلاً للباس.

قوله فى بعض طرقه: " رغسه الله مالاً وولدًا ". قال أبو عبيد: (٥) قال الأموى: معناه أكثر له منه وبارك له فيه. قال أبو عبيد: يقال منه: رغسه الله يرغسه رغساً: إذا كان


(١) النساء: ٤٧.
(٢) كذا فى ز، وفى ح: لأنه.
(٣) فى ح: المعدم.
(٤) فى ح: له.
(٥) انظر: غريب الحديث ١/ ١٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>