للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَوَانَةَ: " أَنَّ رَجُلاً مِنَ النَّاسِ رَغَسَهُ الله مَالاً وَوَلَدًا ". وَفِى حَدِيثِ التَّيْمِىِّ: " فَإِنَّهُ لَمْ يَبْتَئرْ عِنْدَ الله خَيْرًا ". قَالَ: فَسَّرَهَا قَتَادَةُ: لَمْ يَدَّخِرْ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرًا. وَفِى حَدِيثِ شَيْبَانَ: " فَإِنَّهُ، والله، مَا ابْتَأَرَ عِنْدَ اللهِ خَيْرًا ". وَفِى حَدِيثِ أَبِى عَوَاَنَةَ: " مَا امْتَأَرَ " بِالْمِيمِ.

ــ

قال القاضى: وكلاهما عندى متقارب فى المعنى والقسم، ووجدته فى بعض نسخ مسلم، ولم يكن عند أحد من شيوخنا إلا فى أصل القاضى التميمى صت طريق ابن الحذاء: " وفعلوا ذلك وذرى "، فإذا صحت هذه الرواية فهو وجه الكلام، لأنه قد أمرهم فى الحديث أن يذروه فى الريح، وتكون الذال قد سقطت على [الكاتب] (١) للحديث فتغير اللفظ، ويكون " وربى " قد غير من لفظ اشتق من الرباب بالكسر وهو العهد، أى أخذ منهم ميثاقًا وعهدًا. والإربة، بكسر الراء وتشديد الباء: المعاهدون. وقد رأيت بعض الشارحين مال إلى تفسير الحرف بهذا، لكنه لم يقدم الحرف على هذا، والله أعلم. وذكر ابن شهاب بإثر حديثه بغير هذا الحديث: " دخلت امرأة النار فى هرة " الحديث (٢)، قد فسرناه قبل.

وقوله: " آخره لئلا يتكل رجل ولا ييأس " لا ذكر الحديث الأول وفيه من رحمة الله لهذا الذى أسرف وجهل صفة ربه، خشى على سامعيه الاتكال والاعتماد على الرجاء، وتعطيل الأعمال، فجاء فى الحديث الآخر [الخوف بعذاب الهرة لأجل هذه ربطتها] (٣)، فظاهر الأمر أنه من صغائر الذنوب (٤) ليمزج الرجاء بالخوف ليعتدل حال المطيع. فعبادة الخلق لله بين الرجاء والخوف، وهكذا يجب للواعظ والمذكر مزج أمره ومعاناة ذكره، ويكون الغالب التخويف؛ لأن النفوس إلى الرجاء والدعة أميل، ومن العمل والتكاليف أثقل.


(١) كذا فى ز، وفى ح: الكتاب.
(٢) سبق فى ك البر والصلة، ب تحريم تعذيب الهرة، برقم (١٣٥).
(٣) هكذا فى ز، أما فى ح: ليخوف به بعذاب هذه لأجل هرة ربطتها.
(٤) هكذا فى ز، أما فى ح: الأمور.

<<  <  ج: ص:  >  >>