للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيمَا أَعْلَمُ - عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِى ذَرٍّ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا: " أَتَدْرُونَ أَيْنَ تَذْهَبُ هَذِهِ الشَّمْسُ؟ ". قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: " إِنَّ هَذِهِ تَجْرِى حَتَّى تَنْتَهِىَ إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، فَلا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِى، ارْجِعِى مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِى حَتَّى تَنْتَهِى إِلَى مُسْتَقَرِّهَا تَحْتَ الْعَرْشِ، فَتَخِرُّ سَاجِدَةً، وَلا تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يُقَالَ لَهَا: ارْتَفِعِى، ارْجِعِى مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَرْجِعُ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَطْلِعِهَا، ثُمَّ تَجْرِى لا يَسْتَنْكِرُ النَّاسُ مِنْهَا شَيْئًا حَتَّى تَنْتَهِى إِلَى مُسْتَقَرّهَا ذَاك، تَحْتَ الْعَرْشِ، فَيُقَالُ لَهَا: ارْتَفِعِى، أَصْبِحِى طَالِعَةَ مِنْ مَغْرِبِكِ، فَتُصْبِحُ طَالِعَةً مِنْ مَغْرِبِهَا ". فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَتَدْرُونَ مَتَى ذَاكُمْ؟ ذَاكَ حِينَ {لا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} ".

ــ

فى السماء، وذكر قراءة من قرأ " حامئة " (١)، يعنى: حارة، " وحمئة " (٢) من الحمأة والطين، وقال: لا يبعُد أن يوجَدَ الطين فى السماء، واستشهد بقوله: {لِنُرْسِل عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ} (٣) الآيتين، ولا حجة له فى هذا كله فقد جاءت الآثار أن العين الحمئَةَ فى


= وعلى القراءة الأولى فالمراد بها إما المستقر المكانى، أو منتهى سيرها وهو المستقر الزمانى، حيث يبطل سيرها وتسكن حركتها، وتكور وينتهى هذا العالم إلى غايته. قال قتادة: {لمستقر لها} أى لوقتها، ولأجل لا تعدوه.
وعلى قراءة ابن عباس فالمعنى كما ذكر القتبى، وذلك موافق لقوله تعالى: {وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْنِ} [إبراهيم: ٣٣] أى لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة. السابق، وانظر: تفسير الطبرى ٢٣/ ٥.
(١) و (٢) الكهف: ٨٦. والقراءتان مشهورتان - كما قال ابن جرير - فأيهما قرأ القارئ فهو مصيب.
قلت: وقد نسب أبو حيان فى البحر المحيط القراءة الأولى. " حامية " إلى عبد الله، وطلحة بن عبيد الله، وعمرو بن العاص، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، ومعاوية، والحسن، وزيد بن على، وابن عامر، وحمزة، والكسائى، وقال (حامية) بالياء، أى حارة.
وأما القراءة الثانية: {حمئة}، فقد نسبها أبو حيان إلى ابن عباس، وباقى السبعة، وشيبة، وابن أبى ليلى، وحميد، وابن جبير الأنطاكى، قال: والزُّهرى يلين الهمزة.
قال الحافظ ابن كثير: " ولا منافاة بين معنييهما، إذ قد تكون حارة لمجاورتها وهج الشمس عند غروبها، وملاقاتها الشعاع بلا حائل، وحمئة فى ماء وطين أسود، كما قال كعب الأحبار وغيره ". تفسير القرآن العظيم ٥/ ١٨٨.
وقول كعب هو من قولهم: حمئت البئر تحمأ حمأ فهى حمئة، أى خالطت ماءها الحَمْأة، وهى الطين الأسود.
(٣) الذاريات: ٣٣، ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>