والصين ولم يختص به طائفة من أهل مكة. وهو - أيضاً - لا حجة فيه؛ فإن آيات الله تحدث وأكثر الناس نيام والأبواب موجفة. والناس متغشون ثيابهم، وقل من يبصرها إلا الشاذ والراصد لها. وكثيراً ما تحدث كسوفات القمر الكليات وغيرها، وعجائب من أنوار طوالع وشهب عظام؛ وآيات فى السماء تظهر بالليل، فيتحدث بها الواحد والاثنان ممن رآها، ولا علم عند غيرهم منها لما ذكرناه. وهذه كانت آية بليل لقوم اشترطوها وسألوها، لم يهتبل (١) غيرهم بها، وقد يكون القمر حينئذ فى بعض المجارى والمنازل التى تظهر لبعض أهل الآفاق دون بعض، كما يكون ظاهرًا لقوم غائباً عن أخر، أو كما يجد أهل بلد الكسوف فى الشمس والقمر ولا يجده غيرهم، ويكون عند بعضهم كلياً وعند بعضهم بخلافه، كل ذلك بحسب القرب والبعد وارتفاع الدرج وانخفاضها فى الطول عن خط الاستواء والعرض.
(١) من الاهتبال: وهو تحين الشىء والاعتناء به، ومنه قول القائل: فاهتبلت غفلته، أى تحينتها واغتنمتها. مشارق الأنوار ٢/ ٢٦٤.