للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ الله أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ الَّذِى أَسْمَعُ مِنْهُ " ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ: " تَعَوَّذُوا باللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ ". قَالُوا: نَعُوذُ باللهِ مِنْ عَذَابِ النَّارِ. فَقَالَ: " تَعَوَّذُوا باللهِ مِنْ عَذَاب القَبْرِ ". قَالُوا: نَعُوذُ باللهِ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ. قَالَ: " تَعَوَذُوا باللهِ مِنْ الفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ ". قَالُوا: نَعُوذُ باللهِ مِن الفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ. قَالَ: " تَعَوَّذُوا بَاللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ ". قَالُوا: نَعُوذُ باللهِ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ.

٦٨ - (٢٨٦٨) حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ النَّبِىَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " لَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا، لَدَعَوْتُ الله أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ القَبْرِ ".

ــ

لأنه يحتمل أن يريد به الموتة التى فيها جزع وغضض، وموتة القبر ليست كذلك. ويحتمل أيضاً أن يريد جنس الموت، ولم يرد موتة واحدة، فإذا احتمل لم يرد به ما قدمناه من الظواهر والأخبار.

قال القاضى: ذكر مسلم فى هذا الموضع أحاديث كثيرة فى عذاب القبر، وإسماع صوت من يعذب فيها، وسمع الموتى قرع نعال دافنيهم، وكلامه لأهل القليب، وقوله: " ما أتتم بأسمع منهم "، وسؤال الملكين للميت وإقعادهما إياه، وجوابه لهما، والفسح له فى قبره، وعرض مقعده عليه بالغداة والعشى. وهذا كله قد تقدم فيه لنا كلام فى كتاب الصلاة (١) والجنائز (٢)، وأن مذهب أهل السنة تصحيح هذه الأحاديث وإمرارها على وجهها؛ لصحة طرقها، وقبول السلف لها. خلافًا لجميع الخوارج، ومعظم المعتزلة، وبعض المرجئة؛ إذ لا استحالة فيها ولا رد للعقل، ولكن المعذب الجسد بعينه بعد صرف الروح إليه أو إلى جزء منه، خلافاً لمحمد بن جرير (٣) وعبد الله بن كرام (٤) ومن قال بقولهما؛ من أنه لا يشترط الحياة؛ إذ لا يصح الحس والألم واللذة إلا من حى، وإن شاهدنا الجسد نحن على هيئته غير معذب، فذلك لا يرد ما جاء كحال النائم، وشبه


(١) باب التعوذ من عذاب القبر، برقم (٥٨٤).
(٢) باب الصلاة على القبر برقم (٩٥٦).
(٣) انظر: جامع البيان ١٣/ ٢١٨.
(٤) هو أبو عبد الله محمد بن كرام السجستانى زعيم الكرامية، أصله من زرنج، شاعت بدعته، حبسه طاهر بن عبد الله بن طاهر. ومن بدعه أن الإيمان قول واقرار باللسان. وبالغ فى الصفات إلى حد التجسيم والتشبيه، وأكثر الرواية عن الكذابين. وقال ابن حبان خذل خى التقط من المذاهب أرداها، ومن الأحاديث أرداها. توفى سنة ٢٥٥ هـ. انظر: لسان الميزان ٥/ ٤٠٠، الملل والنحل ١/ ١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>