للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِبَيْدَاءَ مِنَ الأَرْضِ خُسِفَ بِهِمْ ".

قَالَ يُوسُفُ: وَأَهْلُ الشّأمِ يَوْمَئِذٍ يَسِيرُونَ إِلَى مَكّةَ. فَقَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَفْوَانَ: أَمَا وَاللهِ، مَا هُوَ بِهَذَا الجَيْشِ.

قَالَ زَيْدٌ: وَحَدَّثَنِى عَبْدُ المَلِكِ العَامِرِىُّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِط، عَنِ الحَارِثِ ابْنِ أَبِى رَبِيعَةَ، عَنْ أُمِّ المُؤْمِنينَ. بِمِثْلِ حَدِيثِ يُوسُف بْنِ مَاهَكٍ. غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ الجَيْشَ الَّذِى ذَكَرَهُ عَبْدُ اللهِ بْنُ صَفْوَانَ.

٨ - (٢٨٨٤) وحدَّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا القَاسِمُ ابْنُ الفَضْلِ الحُدَّانِىُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَاد، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: عَبِثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى مَنَامِهِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، صَنَعْتَ شَيْئًا فِى مَنَامِكَ لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ. فَقَالَ: " العَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِى يَؤُمُّونَ بِالبَيْتِ بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ، قَدْ لَجَأَ بِالبَيْتِ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالبَيْدَاءِ خُسِفَ بِهِمْ " فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ. قَالَ: " نَعَمْ، فِيهِمُ المُسْتَبْصِرُ وَالمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ يَهْلِكُونَ مَهْلَكًا وَاحِدًا، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى، يَبْعَثُهُمُ اللهُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ ".

ــ

وقوله: " يهلكون مهلكاً واحداً، ويصدرون مصادر شتَّى على نياتهم ": أى يبعثون على ذلك يوم القيامة من اختلاف نياتهم، فيجازى كل أحد على نيته. وأصل الصدر: الرجوع عن ورود الماء بعد الرى منه، والبعث بعد الموت رجوع إلى حالة الحياة.

وفى هذا الحديث من الفقه: تجنب أهل المعاصى والبعد عنهم، وتجنب مجالس الظلم وجموع البغى؛ لئلا يعم البلاء ويحيق بالجميع المكر. وفيه أن من كثر سواد قوم فهو منهم، وأن المعاصى إذا كثرت ولم تنكر ولم تغير، عمت العقوبة، قال الله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً} (١)، وهو من معنى قوله فى الحديث المتقدم: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: " نعم، إذا كثر الخبث " (٢).

وقوله فى هذا الحديث: " عبث رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى منامه ": قيل: معناه: اضطرب بجسمه، ويحتمل أنه بحركة أطرافه كمن يأخذ شيئًا ويدفعه، ويحتمل أن يكون بحركة جسمه منزعجاً لهول ما رآه.


(١) الأنفال: ٢٥.
(٢) حديث رقم (١) بالباب السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>