للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ المَاشِى فِيهَا، وَالمَاشِى فِيهَا خَيْرٌ مِنَ السَّاعِى إِلَيْهَا، أَلا فَإِذا نَزَلَتْ أَوْ وَقَعَتْ، فَمَنْ كَانَ لَهُ إِبِلٌ فَلْيَلْحَقْ بِإِبِلِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ غُنَمٌ فَلْيَلْحَقْ بِغَنَمِهِ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ أَرْضٌ فَلْيَلْحَقْ بِأَرْضِهِ ". قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِبِلٌ وَلا غَنَمٌ وَلا أَرْضٌ؟ قَالَ: " يَعْمِدُ إِلَى سَيْفِهِ فَيَدُقُّ عَلَى حَدِّهِ بِحَجَرٍ، ثُمَّ لينْجُ إِنِ اسْتَطَاعَ النَّجَاءَ. اللَّهُمَّ، هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ، هَلْ بَلَّغْتُ؟ اللَّهُمَّ، هَلْ بَلَّغْتُ؟ ". قَالَ: فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولُ اللهِ أَرَأَيْتَ إِنْ أكْرِهْتُ حَتَّى يُنْطَلَقَ بِى إِلَى أَحَدِ الصَّفَّيْنِ، أَوْ إِحْدَى الفِئَتَيْنِ، فَضَرَبَنِى رَجُلٌ بِسَيْفِهِ، أَوْ يَجِىءُ سَهْمٌ فَيقْتُلُنِى؟ قَالَ: " يَبُوءُ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ، وَيَكُونُ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ".

(...) وحدَّثنا أَبُوبَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح وَحَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى عَدِىٍّ، كِلاهُمَا عَنْ عُثْمَانَ الشَّحَّامِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ.

ــ

بهشت بقصبة، فكيف أقاتلهم؟ ".

وكافة [من] (١) لم ير الدخول فى الفتنة من الصحابة والتابعين يرى المدافعة، وهو مذهب ابن عمر وعمران بن حصين وغيرهما.

فهذان مذهبان لمن رأى القعود فى جميع فتن الإسلام؛ لما ورد من النهى عن الدخول فيها.

وذهب معظم الصحابة والتابعين إلى نصر الحق فى فتن المسلمين، والقيام معه كما أمر الله به [فى البغاة] (٢) بقوله: {وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا} الآية (٣). وقال آخرون: إنما القيام على البغاة للإمام، فأما كل فتنة بين المسلمين ولا إمام لجماعتهم، فلا يحل الدخول فيها كيف كانت.

وذهب أبو جعفر الطبرى إلى أن الفتنة التى قال النبى - عليه السلام -: " القاعد فيها خير من القائم " أنها [إذا] (٤) كانت بين حزبين وبطلين [معاً] (٥) وسائر المسلمين بينهما مغمورون، فهذه التى أمر فيها بالهرب وكسر السيوف، ولزوم البيوت. وأما فتنة من يشكل فيها المحق من المبطل، [فواجب عل كل من لم يتبين له المحق من المبطل] (٦) منهما الانعزال حتى يتضح الحق، فيقوم مع أهله، ويعين حزبه؛ ولهذا تأولوا على من


(١) و (٢) فى هامش ح.
(٣) الحجرات: ٩.
(٤) و (٥) من ح.
(٦) فى هامش ح.

<<  <  ج: ص:  >  >>