للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرَ أَحَدًا، ثُمَّ نُودِيتُ فَرَفَعْتُ رَأسِى، فَإِذَا هُوَ عَلَى الْعَرْشِ فِى الْهَوَاءِ - يَعْنِى جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ - فَأَخَذَتْنِى رَجْفَةٌ شَدِيدَةٌ، فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِى. فَدَثَّرُونِى، فَصَبُّوا عَلَىَّ مَاءً، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر. قُمْ فَأَنذِرْ. وَرَبَّكَ فَكَبَّرْ. وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} ".

ــ

بأسرَعتُ، ولا يصح معناه، وكيف يصبح [تعبيره] (١) بأسرعت، وهو قد قال فى الحديث: " حتى هويتُ إلى الأرض " (٢)، أى سقطت من الفزع، فكيف يجتمع السقوط والإسراع. قال بعضهم: صوابهُ: أهويتُ.

قال القاضى: وقد جاء كذا فى موضع فى البخارى (٣) وهو أشهرُ وأصح، وقال غيره: هوى من قريب وأهوى من بعيد. وقال الخليل: هَوِى يَهوى هَوِياً وهُوياً، قال الهروى: وقد يكون الصعود والهبوط يقال فيه: هَويّا بالفتح إذا هبط وبالضمَّ إذا صَعِدَ، وكذا قال الخطابى وغيره (٤). وقال [لنا] (٥) شيخنا أبو الحسين بالعكس. قال غيره: هوَت العُقابُ إذا انقضت على صيدٍ، فإذا راوَعته قيل: أهوت. وقيل فى قوله: {وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى} (٦): أى أهوى بها جبريل إلى الأرض، أى ألقى بها فيها بعد أن رفعها إلى السماء، وقيل فى قوله: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} (٧): أى سقط. وقال أبو الهيثم: هويت أهوى إذا سقطت، وقال غيره: أهويت يدي إلى السيف وغيره أى أملت، ويقال: هوَيتُ فيه أيضاً.

وقوله فى الحديث: {وَالرُّجْزَ فَاهجُرْ} (٨) وفسرَه، هى الأوثان (٩)، وقيل فيه: الإثم (١٠).

وقوله: " فأخذتنى رجفةٌ "، وعند السمرقندى: وجفةٌ، بالواو، ومعناهما متقارب، [و] (١١) هو كله من كثرة الاضطراب، قال الله تعالى: {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَة} (١٢) وقال: {يَوْمَ تَرْجُفُ الأَرْضُ وَالْجِبَالُ} (١٣).


(١) من ق.
(٢) و (٣) البخارى، ك بدء الخلق، ب إذا قال أحدكم: آمين.
(٤) قاله الخطابى فى قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أتانى جبريل بدابة فوق الحمار ودون البغل، فحملنى عليه، ثم انطلق يهوى بى كلما صَعِدَ عقَبَةً استوت رجلاه مع يديه، وإذا هبط استوت يداه مع رجليه ". قال: قوله " يهوى بنا " معناه: يسير بنا، وقد يكون ذلك فى الصعود والهبوط معاً، وإنما يختلف فى المصدر، فيقال: هوى يهوى هَوِياً إذا هبط، وهُوياً بالضم إذا صعد. غريب الحديث ١/ ٤١٧.
(٥) من ت.
(٦) النجم: ٥٣.
(٧) النجم: ١.
(٨) المدثر: ٥.
(٩) ولفظ: البخارى فى التفسير: قال أبو سلمة: والرجز الأوثان.
(١٠) وهو قول إبراهيم الضحاك. انظر: تفسير القرآن العظيم ٨/ ٢٨٩.
(١١) ساقطة من الأصل.
(١٢) النازعات: ٨.
(١٣) المزمل: ١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>