للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ، فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَهْرَهُ بِيَدِهِ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لابْنِ صَيَّادٍ: " أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ الله؟ " فَنَظَرَ إِلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّكَ رَسُولُ الأُمِّيِّينَ. فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ لِرَسُولِ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَتَشْهَدُ أَنِّى رَسُولُ الله؟ فَرَفَضَهُ رَسُوَلُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: " آمَنْتُ بالله وَبِرُسُلِهِ ". ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَاذَا تَرَى؟ ". قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: يَأتِينِى صَادِقٌ وَكَاذِبٌ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " خُلِّطَ عَلَيْكَ الأَمْرُ ". ثُمَّ قَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّى قَدْ خَبَأتُ لَكَ خَبِيئًا ". فَقَالَ ابْنُ صَيَّادٍ: هُوَ الدُّخُّ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اخْسَأ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ ". فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: ذَرْنِى يَا رَسُولَ الله أَضْرِبْ عُنُقَهُ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْهُ فَلاَ خَيْرَ لَكَ فِى قَتْلِهِ ".

ــ

" فرفسه " بالسين التى تقارب الصاد فى اللفظ مثل وكله.

قال القاضى: قال بعضهم: الرفص الضرب بالرجل مثل الرفس، هان صح هذا فهو بمعناه، ولكن لم أجد هذه اللفظة فى أصول اللغة وروايتنا فيها عن الجماعة: " فرفصه " بالصاد المهملة كما تقدم، لكن وقع عند القاضى الصدفى: " فرفضه " بضاد معجمة، وهو وهم. وفى البخارى (١) من رواية المروزى: " فرقصه " بالقاف والصاد المهملة، ولا وجه له. وفى كتاب الأدب: " فرضه " بضاد معجمة (٢). ورواه الخطابى فى غريبه: " فرصه " وفسره بما تقدم.

وقوله: " خبأت لك خبيئاً ": كذا رويناه عن جميعهم بكسر الباء بعدها ياء، وعند التميمى: " خبأ " بسكون الباء، وكلاهما صحيح. الخبُ: رسم ما يخبأ. والخبى: اسم ما يعمى.

وقوله: " الدُّخ "، قال الإمام: هو الدخان. قال الراجز (٣):

عند رواى البيت يغشى الدّخا

وقيل: أراد أن يقول: الدخان، فزجره النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلم يستطع أن يتم الكلمة. قال الخطابى: لا معنى للدخان؛ لأنه ليس مما يمكن أن يخبئ فى كف أوكُم، وقد قال: " خبأت لك خبيئاً ". " بل الدخ ": نبت موجود بين النخيل والبساتين، إلاّ أن يحمل قوله -


(١) ك الجنائز، ب إذا أسلم الصبى فمات هل يصلى عليه؟ ٢/ ١١٧.
(٢) ك الأدب، ب قول الرجل للرجل اخسأ ٨/ ٤٩.
(٣) هو عبد الله بن رؤبة العجاج. انظر: ملحق ديوانه ٢/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>