كتاب الحربى. وأرى هذه الرواية رأى الإمام، وأنكرها لنا أبو الحسين وقال: إنما هو الصغير على ما وقع فى أكثر نسخ الهروى، وهو الذى يدل عليه معنى الحديث؛ لأن السفن الكبار لا تستعمل فى مثل هذا، وإنما يستعمل فيه ما صغر منها، وكذلك فى حديث موسى - عليه السلام -: " فلما رأوا التابوت " يريد فى اليم "ركبوا القراقير حتى أتوا به ".
وقال ابن دريد فى الجمهرة: القرقور ضرب من السفن، عربى معروف. والمعروف عند الناس فيه استعماله فيما صغر منها وخف للتصرف فيه. وعظام السفن إنما يستعمل لعظيم الأشغال وحمل الأثقال لا للتصرف فى الحوائج. ووقع فى رواية العذرى: " قرقورة " على معنى السفينة، والكل بضم القاف.
وقوله: " فى صعيد واحد "، قال الإمام: الصعيد: الطريق الذى لا نبات فيه، وكذلك الزلق الصعيد أيضاً: وجه الأرض كالتراب.
قال القاضى: المراد فى هذا الحديث بالصعيد الأرض نفسها، لا الطريق.
وقول الغلام هذا، وفعله ما فعل بنفسه، ودل عليه الملك من قتله ليشتهر فى الناس أمر الإيمان ويروا برهانه كما كان.
وقوله: " فأمر بالأخدود "، قال الإمام: هو الشق العظيم فى الأرض، وجمعه أخاديد، وقد تقدم ذكر السكك.
وقوله: " فمن لم يرجع عن دينه فاحمه فيه أو قيل له: اقتحم "، قال القاضى: كذا هو فى جميع النسخ، وقال بعضهم: لعل صوابه: " فأحموه فيها، أو قولوا له: اقتحم " ولا يبعد عندى صحة معنى " أحموه " على ما روى من أحميت الحديدة والشىء فى النار.
وفى هذا الحديث صبر الصالحين على الابتلاء فى ذات الله، وما يلزمهم من إظهار دينه والدعاء لتوحيده، واستقتالهم أنفسهم فى ذلك، وهو مراد الغلام بقوله للملك: " لست