للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

١٥ - (٣٠٢٢) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أبِيهِ، قَالَ: قَالَتْ لِى عَائِشَةُ: يَا ابْنَ أخْتِى، أمِرُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لأصْحَابِ النَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فسَبُّوهُمْ.

(...) وحدّثناه أبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أبُو أسَامَةَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، بِهَذَا الإسْنَادِ، مِثْلَهُ.

ــ

وقوله عائشة: " أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسبوهم " قالته - والله أعلم - عندما سمعت أهل مصر يقولون فى عثمان ما قالوا، وأهل الشام وبنى أمية يقولون فى علىّ ما قالوا، وقالت الحرورية فى الجميع ما قالوا - والله أعلم. والأمر بالاستغفار الذى أشار إليه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا} (١) [الآية] (٢). وبهذا احتج مالك (٣) أن لا حق فى الفىء لِمَنْ سَبّ أصحاب النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ لأن الله إنما جعله لِمَنْ جاء بعدهم ممن يستغفر لهم لا لمن سبّهم.

وقول ابن عباس فى قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا} (٤): " ما نسخها شىء "، وقوله: " لا توبة له "، وقوله فى آية الفرقان: {إلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ} (٥): " نزلت فى أهل الشرك "، وقوله: " نسختها آية المدينة ": يعنى آية النساء. هذا عن ابن عباس فى توبة القاتل، وأنها غير مقبولة. وروى عنه أن آية النساء ناسخة لآية الفرقان، وأنه لا توبة للقاتل المسلم، وهو الذى ذكر عنه مسلم، والمشهور عنه. وقد روى عنه (٦) قبول توبته، وجواز مغفرة الله له وعفوه عنه بقوله: {وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا} (٧). وهذا هو الذى عليه جماعة السلف [وأهل السنة أجمع، وكل ما روى عن بعض السلف] (٨) مما ظاهره خلاف هذا على التغليظ والتشديد، والآية خبر محض، والأخبار لا يدخلها النسخ كما قال ابن عباس، لكن يدخلها التخصيص والاستثناء والشرط. وقد اختلف فى معناها، فذهب أكثرهم إلى أن معناها: جزاؤه إن جازاه وأنفذ عليه وعيده، وفيه حديث مروى بهذا عن النبى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقيل: معناه: مَنْ قتل مستحلاً لقتله لأجل إيمانه وهذا كفر (٩). وقيل: الآية نزلت فى رجل معين قتل مسلماً ثم


(١) الحشر: ١٠.
(٢) ساقطة من ح.
(٣) انظر: أحكام القرآن للقرطبى ١٨/ ٣٢، معالم التنزيل للبغوى ٤/ ٣٢١.
(٤) النساء: ٩٣.
(٥) الفرقان: ٧٠.
(٦) ذكر ذلك عنه القرطبى فى تفسيره ٥/ ٣٣٣.
(٧) النساء: ١١٠.
(٨) سقط من ز.
(٩) قال ابن كثير: رواه ابن مردويه بإسناده مرفوعاً، ولكن لا يصح. تفسير ابن كثير ١/ ٥٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>