للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٠٩ - (...) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَأَبُو كُرَيْبٍ - وَاللفْظُ لأَبِى كُرَيْبٍ - قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عُبَيدَةَ، عَنْ عَبْدِ الله؛ قَال: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنِّى لأَعْرِفُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنَ النَّارِ، رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنْهَا زَحْفًا. فَيُقَال لهُ: انْطَلِقْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ. قَال: فَيَذْهَبُ فَيَدْخُل الجَنَّةَ، فَيجِدُ النَّاسَ قَدْ أَخَذُوا المَنَازِلَ. فَيُقَال لهُ: أَتَذْكُرُ الزَّمَانَ الذِى كُنْتَ فِيهِ؟ فَيَقُول: نَعَمْ. فَيُقَال لهُ: تَمَنَّ. فَيَتَمَنَّى. فَيُقَال لهُ: لكَ الذِى تَمَنَّيْتَ وَعَشَرَةُ أَضْعَافِ الدُّنْيَا. قَال فَيَقُولُ: أَتَسْخَرُ بِى وَأَنْتَ المَلكُ؟ ". قَال: فَلقَد رَأَيْتُ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ.

ــ

كتاب الهروى فيما حكاه عن الليث: القَشْبُ: السُمُّ، والذى رأيت فى كتاب الليث: القِشْبُ بكسر القاف، وكذا ذكره غيرُه، ووقع فى المُعْلِم بفتح القاف، وقال أبو عبيد فى تفسير حديث عمر [المتقدم] (١): قَشَبَكَ المالُ، أى أهلك، مأخوذ من القَشْب وهو السُمُّ، فعلى هذا يتفسَّر قشبنى بأهلكنى، وقال الداودى (٢): قشبنى: غيَّر جلدى وصورتى وسوَّدنى وأحزننى.

وقوله: " وأحرقنى ذكاؤها ": روايتنا فيه فى الأم بالمد والمشهور القصر، وحكى أبو حنيفة فيه المدُّ وخطأه على بن حمزة.

قال الإمام: أى تَلهُّبُها، وقال ابن قتيبة فى تفسيره: اشتعالها، قال ابن ولاد: الذَّكا تلهبُ النار مقصور.

وقوله: " لا وعزتك " قال القاضى: فيه دليل على جواز الحلف بصفات الله وكذلك فى الحديث الآخر بعده فى قوله: " وعزتى وكبريائى "، وسؤاله بعد أن حلف وأعطى من العهود والمواثيق ما أعطى. قال بعضهم: فيه دليلٌ على جواز حلِّ اليمين وفعل ما حلفَ عليه، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إلا أتيت الذى هو خير " (٣)، ولكن دليل الحديث عندى غير هذا، إذ ذكر أن الله عذره وبعد أن عتَبه على غدره إذ بانَ له عذرُه لعظيم ما رأى مما لا صبر له عليه، كما قال فى الحديث - ولا فى قوته الثبات عنده.

وقوله: " أنفقَهتْ له الجنَّةُ " (٤)، قال الإمام: أى اتسعت وانفتحت.

وقوله: " فيرى فيها من الخير والسرور "، قال القاضى: وروايتنا فيه من طريق


(١) ساقطة من ت.
(٢) فى الأصل رسمت: الدواودى.
(٣) معنى حديث سيرد إن شاء الله فى كتاب الإيمان عن أبى هريرة: " من حلف بيمين فرأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه، وليفعل الذى هو خير "، وأخرجه مالك فى الموطأ، ك النذور والأيمان، ب ما تجب فيه الكفارة من الأيمان ٢/ ٤٧٨.
(٤) حديث أبى هريرة من رواية عطاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>