للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهَلْ تَدْرُونَ بِمَ ذَاكَ؟ يَجْمَعُ اللهُ يَوْمَ القِيَامَةِ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ فِى صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَيُسْمِعُهُمُ الدَّاعِى، وَيَنْفُذُهُمُ البَصَرُ، وَتَدْنُو الشَّمْسُ، فَيَبْلغُ النَّاسَ مِنَ الغَمِّ وَالكَرْبِ مَا لا يُطِيقُونَ، وَمَا لا يَحْتَمِلونَ. فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: أَلا تَرَوْنَ مَا أَنْتُمْ فِيهِ؟ أَلا تَرَوْنَ مَا قَدْ بَلغَكُمْ؟ أَلا تَنْظُرُونَ مَنْ يَشْفَعُ لكُمْ إِلى رَبَّكُمْ؟ فَيَقُولُ بَعْضُ النَّاسِ لِبَعْضٍ: ائْتُوا آدَمَ. فَيَأتُونَ آدَمَ. فَيَقُولونَ: يَا آدَمُ، أَنْتَ أَبُو البَشَرِ، خَلقَكَ اللهُ بِيَدِهِ وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ وَأَمَرَ المَلائِكَةَ فَسَجَدُوا لكَ، اشْفَعْ لنَا إِلى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى إِلى مَا قَدْ بَلغَنَا؟ فَيَقُولُ آدَمُ: إِنَّ رَبِّى غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلهُ، وَلنْ يغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلهُ، وَإِنَّهُ نَهَانِى عَنِ الشَّجَرَةِ فَعَصَيْتُهُ. نَفْسِى، نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلَى غَيْرِى، اذْهَبُوا إِلى نُوحٍ. فَيَأتُونَ نُوحًا فَيَقُولونَ: يَا نُوحُ، أَنْتَ أَوَّلُ الرُّسُلِ إِلى الأَرْضِ، وَسَمَّاكَ اللهُ عَبْدًا شَكُورًا، اشْفَعْ لنَا إِلى رَبِّكَ، أَلا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ؟ أَلا تَرَى مَا قَدْ بَلغَنَا؟ فَيَقُولُ لهُمْ: إِنَّ رَبِّى قَدْ غَضِبَ اليَوْمَ غَضَبًا لمْ يَغْضَبْ قَبْلهُ مِثْلَهُ، وَلنْ يَغْضَبَ بَعْدَهُ مِثْلهُ، وَإِنَّهُ قَدْ كَانَتْ لِى دَعْوَةٌ دَعَوْتُ بِهَا عَلى قَوْمِى. نَفْسِى، نَفْسِى، اذْهَبُوا إِلى إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ــ

ماهان بالمعجمة، وكلاهما صحيح بمعنى. قال الإمام: أى أخذ بأطراف أسنانه، قال الهروى: قال أبو العباس: النهسُ بالسين غير معجمة بأطراف الأسنان، وبالشين هو بالأضراس.

قال القاضى: قال غيره: هو نثْر اللحم، قال النَّضر: نُهِشَت عضُداه: أى دقتا، وقال القتبى فى تفسير لعنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المنتهشة والحالقة، قال: هى التى تخمش وجهها (١)، فتأخذ لحمه (٢) بأظفارها، ومنه: نهشته الكلاب (٣).

وقوله فى الحديث: " أنا سَيِّدُ ولد آدم يوم القيامة ": قيل: السيد الذى يفوق قومه، والذى يُفزعَ إليه فى الشدائد هو سيّدهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى الدنيا والآخرة، لكن خصَّص القيامة لارتفاع دعوى السؤدد فيها، وتسليم الكل له ذلك، وكون آدم ومن ولد تحت لوائه، كما قال تعالى: {لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ} (٤)، أى انقطعت دعاوى الدُعاة فى الملك


(١) فى باقى النسخ: لحمها، والمثبت من ق. وهذا الحديث لم أجده إلا باللفظ: " لعن الله الخامشة وجهها، والشاقة جيبها، والداعية بالويل والثبور ". الطبرانى وابن حبان والبيهقى عن أبى أمامة. وبمثل ما ذكر القاضى نقل فى النهاية عن القتبى. انظر: النهاية ٥/ ١٣٧.
(٢) فى ق: لحمها.
(٣) وقال فى المشارق: وبالوجهين رويناه، وبالمهملة ضبطه الأصيلى: النهس: الأكل من اللحم وأخذه بأطراف الأسنان، والنهش بالمعجمة بالأضراس، وقال الخطابى: هو بالمهملة أبلغ منه بالمعجمة، وقال ثعلب: النهس: سرعة الأكل ٢/ ٣. وانظر: غريب الحديث للخطابى ١/ ٧٧.
(٤) غافر: ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>