للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُزْلِفَ لهُمُ الجَنَّةُ، فَيَأتُونَ آدَمَ فَيَقُولونَ: يَا أَبَانَا اسْتَفْتِحْ لنَا الجَنَّةَ. فَيَقُولُ: وَهَلْ أَخْرَجَكُمْ مِنَ الجَنَّةِ إِلا خَطِيئَةُ أَبِيكُمْ آدَمَ! لسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، اذْهَبُوا إِلى ابْنِى إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِ اللهِ ". قَالَ: " فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ: لسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، إِنَّمَا كُنْتُ خَلِيلاً مِنْ وَرَاءَ وَرَاءَ، اعْمِدُوا إِلى مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذِى كَلمَهُ اللهُ تَكْلِيمًا؛ فَيَأتُونَ مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَقُولُ: لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ، اذْهبوا إِلى عِيسَى كَلِمَةِ اللهِ وَرُوحِهِ، فَيَقُولُ عِيسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسْتُ بِصَاحِبِ ذَلِكَ. فَيَأتُونَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فيقوم فَيُؤْذَنُ لهُ، وَتُرْسَلُ الأَمَانَةُ وَالرَّحِمُ، فَتَقُومَانِ جَنَبَتَىِ الصِّرَاطِ، يَمِينًا وَشِمَالاً، فَيَمُرُّ أَوَّلكُمْ كَالبَرْقِ ". قَالَ: قُلْتُ: بِأَبِى أَنْتَ وأُمِّى، أَىُّ شَىْءٍ كَمَرِّ البَرْقِ؟ قَالَ: " أَلمْ تَرَوْا إِلى البَرْقِ كَيْفَ يَمُرُّ وَيَرْجِعُ فِى طَرْفَةِ عَيْنٍ؟ ثُمَّ كَمَرِّ الرِّيحِ، ثُمَّ كَمَرِّ الطَّيْرِ وَشَدِّ الرِّجَالِ، تَجْرِى بِهِمْ أَعْمَالهُمْ، ونَبِيُّكُمْ قَائِمٌ عَلى الصِّرَاطِ يَقُولُ: رَبِّ، سَلِّمْ، سَلِّمْ. حَتَّى تَعْجَزَ أَعْمَالُ العِبَادِ، حَتَّى يَجِىءَ الرَّجُلُ فَلا يَسْتَطِيعُ السَّيْرَ إِلا زَحْفًا ". قَالَ: " وَفِى حَافَتى الصِّرَاطِ كَلَالِيبُ مُعَلقَةٌ، مَأمُورَةٌ بِأَخْذِ مَنْ أُمِرَتْ بِهِ، فَمَخْدُوشٌ نَاجٍ وَمَكْدُوسُ فِى النَّارِ ".

وَالذِى نَفْسُ أَبِى هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ، إِنَّ قَعْرَ جَهَنَّمَ لسَبْعُونَ خَرِيفًا.

ــ

القاضى: تقدم تفسيره بمعنى المنقطع أو المكسور الظهر.

وقوله: " كالبرق وطرفة العين ومَرَّ الريح ومر الطير وشدّ الرجال "، وعند ابن ماهان " الرحال " بالحاء المهملة، وهو متقارب المعنى إذا سُمّيت به الراحلة وجمعها رواحل، أما الرجال فجمع رَجْل، والمعروف الرجال - بالجيم.

وقوله: " تجرى بهم أعمالهم ": يعنى أن سرعة مرّهم على الصراط بقدر أعمالهم ومبادرتهم لطاعة ربهم، ألا تراه كيف قال: " حتى تعجز أعمال العباد "، وهذا كله من عدل الله تعالى، وإظهاره ذلك لعباده، وإلا فالكل برحمته لا إله غيرُه. وعند بعض رُواة مسلم: " تجرى بهم بأعمالهم "، ولا وجه لدخول الباء هنا.

وقوله: " إن قَعْرَ جهنَّمَ لسبعين خريفاً " يفسره الحديث الآخر: " إن الصخرة العظيمة لتلقى فى شفير جهنم، فتهوى فيها سبعين عاماً وما تُفضِى إلى قرارها ".

<<  <  ج: ص:  >  >>