للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْحَدِيثَ مَرَّتَيْنِ.

١٩ - (٢٣٦) حدّثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ. ح وَحَدَّثَنِى هَارُونُ بْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ وَأَبُو الطَّاهِرِ، قَالُوا: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى عَمَرُو بْنُ الْحَارِثِ أَنَّ حَبَّانَ بْن وَاسِعٍ حَدَّثَهُ؛ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللهِ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِىَّ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، فَمَضْمَضَ ثُمَّ اسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثًا، وَيَدَهُ الْيُمْنَى ثَلاثًا، وَالأُخْرَى ثَلاثًا، وَمَسَحَ بِرَأسِهِ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا.

قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ.

ــ

ابتدأ من الناصية مقبلاً إلى الوجه، ثم ردَّها إلى القفا، ثم رجع إلى الناصية. وهذه الأحاديث كلها فى مسح الرأس ظاهرها مسح عموم الرأس، وهو مفسِّرٌ للآية، وأن الفرض عمومه، وهو قول مالك - رحمه الله (١) - وفيها حجةٌ على من خالفه من أصحابه وغيرهم فى جواز تبعيضه على تشعّب مذاهبهم فى ذلك (٢)، ولم يأت فى الحديث الصحيح ما يخالف هذا، ولإجماع الكل على فرض الاستيعاب فى بقيَّة الأعضاء المفروضة، وفيها دليل على أن الترتيب مشروع على ما جاء فى الآية، وفى فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دون خلاف فى ذلك من الرواة والعلماءِ. ثم اختلفوا هل ذلك فرض أم لا؟ واختلفت الرواية عن مالك فى ذلك، والمشهور عنه أنه سنةٌ (٣).

وقوله: " ومسح بماءٍ " غير فضل يديه، هو السنة فى تجديد الماء لمسحِه، خلافاً للأوزاعى والحسن وعُروة فى تجويزهم ابتداءً بماء فضل يديه (٤). ولم يأت فى شىء من هذه


(١) وكذا الحنابلة، قالوا: يجب مسح جميع الرأس.
قال ابن عبد البر: أجمع العلماء على أن من مسح برأسه كله فقد أحسن وعمل أكمل ما يلزمه، وجمهورهم على أن من مسح رأسه مسحة واحدةً موعبةً كاملةً لا يزيدُ عليها، إِلَّا الشافعى فإنه قال: من توضأ ثلاثاً مسح رأسه ثلاثاً على ظاهر الحديث فى أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ توضأ ثلاثاً. قال: وكان مالكٌ يقول فى مسح الرأس: يبدأ بمقدّمِ رأسه ثم يذهبُ بيديه إلى مؤخره ثم يردهما إلى مقدمهِ، على حديث عبد الله بن زيد. قال: وهو أبلغَ ما سمعتُ فى مسح الرأس، وقال ابن عبد البر: وهو قول الشافعى فى أن حديث عبد الله بن زيد أحسن ما جاء فى مسح الرأس، وهو الذى ينبغى أن يُتمثَّل ويحمل عليه. الاستذكار ٢/ ٢٩.
(٢) ممن قال بذلك من أصحاب مالك أشهب وبعض المتأخرين. السابق ٢/ ٣٠.
(٣) وعنه فيما ذكره ابن عبد البر: أن الفرض مسح جميع الرأس، فإن ترك شيئاً منه كان كمن ترك غسل شىء من وجهه، ثم قال: هذا هو المعروف من مذهب مالك، وهو مذهب ابن علية. قال ابن عليَّة: قد أمر الله تعالى بمسح الرأس فى الوضوء كما أمر بمسح الوجه فى التيمم، وأمر بغسله فى الوضوء، وقد أجمعوا أنه لا يجوز غسلُ بعض الوجه فى الوضوء، ولا مسح بعضه فى التيمم. السابق.
(٤) وقد ذكر ابن حبيب عن ابن الماجشون أنه قال: إذا نفَدَ الماءُ عنه مسح رأسه ببلل لحيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>