للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ؛ أَنَّهُ سَمِعَ أنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ الْخَلاءَ، فأحْمِلُ أَنَا، وَغُلامٌ نَحْوِى، إدَاوَةً مِنْ مَاءٍ، وَعَنَزَةً، فَيَسْتَنْجِى بِالْمَاءِ.

٧١ - (...) وحدّثنى زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَأَبُو كُرَيْبٍ - واللَّفْظُ لِزُهَيْرٍ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ - يَعْنِى ابْنَ عُلَيَّةَ - حَدَّثَنِى رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِى مَيْمُونَةَ، عَنْ أنَسِ ابْنِ مَالِكٍ؛ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَبَرَّزُ لِحَاجَتِهِ، فَآتِيهِ بِالْمَاءِ، فَيَتَغَسَّلُ بِهِ.

ــ

وفى هذا الحديث خدمة العالم والفاضل والخيِّر فى حوائجه وحملان العنزة معه فى هذا الحديث. وقال المهلب: لأنه كان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ متى استنجى توضأ، ومتى توضأ صلى، فكانت العنزة لسُترتِه فى الصلاةِ، حيث أخذته، وقد يكون لحضور السلاح معه فى كل وقتٍ لما عساه يحتاج إليه، فقد كان اليهود والمنافقون يَرومون قتله واغتياله بِكُلِّ حيلةٍ، والعَنَزةُ رُمح قصيرٌ، وقيل: عصًا فى طرفها زُج. ومن أجل هذا الحديث اتخذ الأمراءُ المشى أمامهم بالحربة.

وقوله: " يتبرَّز لحاجته ": أى يأتى البراز، وهو المكان الواسع الظاهر من الأرض؛ ليخلو به لحاجته ويستتر لحدثه، وبذلك سمى الحدث كما سمى الغائط - أيضًا - بذلك، وجاء فى هذه استنجاء النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالماء. وأحاديثه فى ذلك كثيرةً صحيحة، وكان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأتى من الأمور أفضلها ومعاليها، فدل أن الاستنجاء بالماء أفضل من الاقتصار على الأحجار، وهو مذهب الأنصار، وبه أثنى الله عليهم بالطهارة وأنه يحب المتطهرين، ومن ذهب إلى الجمع بينها وبين الأحجار، جاء بأتم الأمور من التنزه عن مباشرة القذر بيده وبين (١) تحلل بقاياه وإلقاء الماء أوَّلاً، وانتشاره برطوبته عن موضعه، والحاجة الى كثرة صب الماء والعرك لغسله، فإذا أزال العين بالأحجار وبقى الأثر والحكم أزاله يسير الماء والغسْل، وما روى عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من استعمال الأحجار ففى مواضع عدَم الماء وتعذّره فى الأسفار، وقد يحتمل استعمال الماء مع ذلك، والله أعلم.

قال الأصيلى فى حديث أنس هذا: وقوله: " يستنجى بالماء " [أن] (٢) الاستنجاء ليس بالبيِّن فى الحديث؛ لأنه ليس من قول أنسٍ، وإنما هو من قول أبى الوليد الطيالسى (٣)، وقد رواه سليمان بن حرب عن شعبة، وليس فيه: " يستنجى بالماء "، فيحتمل أن حمل الماء كان لوضوئه، قال محمد بن أبى صُفرة: قد تابع أبا الوليد على


(١) فى ت: ومن.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) هو هشام بن عبد الملك الباهلى، الإمام الثقة، ولد عام ثلاث وثلاثين ومائة، وتوفى عام سبع وعشرين ومائتين. روى عنه البخارى مائة وسبعة أحاديث.

<<  <  ج: ص:  >  >>