للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثناه إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، قَالا: أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ. ح وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح وحَدَّثَنَا مِنْجَابُ بْنُ الْحَارِثِ التَّمِيمِىُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ مُسْهِرٍ، كُلُّهُمْ عَنِ الأَعْمَشِ، فِى هَذَا الإِسْنَادِ، بِمَعْنَى حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ. غَيْرَ أَنَّ فِى حَدِيثِ عِيسَى وَسُفْيَانَ: قَالَ: فَكَانَ أصْحَابُ عَبْدِ اللهِ يُعْجِبُهُمْ هَذَا الْحَدِيثُ؛ لأنَّ إسْلامَ جَرِيرٍ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْمَائِدَةِ.

ــ

ذلك فقال: إنما هى أحاديث وكتابُ الله أحقُّ أن يُتَبع. وأما جواز المسح فالحجة الأحاديث الواردة فى المسح، وقد ذكر بعض التابعين من بلوغها بالكثرة (١) [ما] (٢) رُبَّما دَلّ على أنها ترتفع عن رتبة أخبار الآحاد، وتلحق بما هو متواتر فى المعنى، والمفهوم كمثل ما ذهب إليه أهل الأصول فيما نُقِل من الأخبار فى بعض آيات الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنها متواترة على المعنى والمحصول.

وأما وجه القول بالتفرقة بين الحضر والسفر في المسح فلأن أكثر الأحاديث إنما وردت فى السفر؛ لأن السفر محلُّ الرخص وقد خُصَّ بالقصر والفطر والتنفُّلِ [عندنا] (٣) على الدابة وشبه ذلك، ويصح أن يجعل حديث السباطة المتقدم حجةً على المسح فى الحضر لأن الغالب أن السباطة - وهى المزبلةُ - إنما تكون فى الحواضر، وقد قال: " سباطة قوم "، فأضافها إلى قوم مخصوصين ولو كانت فى الفلوات لم تكن كذلك.

وهل من شرط جواز المسح على الخفين أن يُلبسا على طهارةٍ أم لا؟ مذهب داود أنه يجوز المسح عليهما إن كان قد لبسهما ورجلاه طاهرتان من النجاسة، وإن لم يكن مستبيحًا للصلاة، والفقهاء على خلافِه، وسببُ الخلاف قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " دعهُما، فإنى أدخلتُهما طاهرتين "، هل هذا محمول على الطهارة اللغوية أو الشرعية؟ وهذا المعنى [ما] (٤) قد اختلف أهل الأصول فيه، وهو تقدمة الاسم العرفى على اللغوى أو تقدمة اللغوى على العرفى (٥)؟ والخلاف فيما ذكرنا كالخلاف فى قوله: " توضؤوا مما مست النار "، هل يُحمل ذلك على الوضوء اللغوى الذى هو غسل اليد، أو على الوضوء الشرعى؟ واختلف القائلون باشتراط الطهارة الشرعية هل يجزئ أن يمسح عليهما المتيممُ؟ وهذا على الخلاف فى التيمم، هل يرفع الحدث أو لا؟ واختلف - أيضاً - فيمن لبس خُفَّين على


(١) فى المعلم: فى الكثرة.
(٢) من المعلم.
(٣) من المعلم.
(٤) ليست فى المعلم.
(٥) من ذلك قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " توضؤوا مما مسَّت النار " فقيل: المراد غسلُ اليدين، وقيل: الوضوء حقيقة. إكمال ٢/ ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>