للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٣ - (٢٧٣) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِىُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ حُذَيْفَةَ؛ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَهى إِلَى سُبَاطَةِ قَوْمٍ، فَبَالَ قَائِمًا، فَتَنَحَّيْتُ، فَقَالَ: " ادْنُهْ " فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ عِنْدَ عَقِبَيْهِ. فَتَوَضَّأَ، فَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ.

٧٤ - (...) حدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِى وَائِلٍ؛ قَالَ: كَانَ أَبُو مُوسَى يُشَدِّدُ فِى الْبَوْلِ، وَيَبُولُ فِى قَارُورَةٍ وَيَقُولُ: إِنَّ بَنِى إسْرَائِيلَ كَانَ إِذَا أصَابَ جلدَ أحَدِهِمْ بَوْلٌ قَرَضَهُ بِالْمَقَارِيضِ. فَقَالَ حُذَيْفَةُ: لَوَدِدْتُ أَنَّ صَاحِبَكُمْ لا

ــ

المسح الخوارج؛ إذ ليس [هو] (١) فى القرآن على أصلهم، والشيعة؛ لما روى عن على أنه كان لا يمسح.

وقوله فى حديث حذيفة: " أتى سُباطة قومٍ فبال قائماً ": اختُلِف فى وجه ذلك فقيل: بال قائماً لأنها حالةٌ يؤمَن معها خروج الحدث فى الغالب، وقيل: إنما فعل ذلك لوجَعٍ كان به، وقيل: لعلَّ تلك السُباطة كان فيها نجاسات رطبةٍ وهى رِخوةً يأمن إذا بال [فيها] (٢) قائمًا أن يتطاير عليه، وخشى (٣) إن جلس ليبول أن ينال ثيابه النجاسة ولذلك بال قائمًا (٤). [وذكر فى الحديث أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسح على خفيه] (٥)

قال القاضى: السُباطةُ المزبلة، وقد استُدِلّ بذكرها أنه كان فى الحضَر، إذ الغالبُ كونها فى المدن، وقد روى عن الأعمش فيه: " كنت مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالمدينة "، والثابت عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه كان إذا أراد البراز أبعَدَ المذهبَ، وأنه كان يَرْتاد لبوله، وكان صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الشغل بأمور المسلمين والنظر فى مصَالحهم بحيْثُ عُلِمَ، وقد يطولُ عليه حتى يحفِزَه البولُ، فلو أبعد لتأذى. فلذلك والله أعلم بَال فى هَذِهِ المرة قائمًا لحُفْزَةٍ له، وارتاد لذلك السباطَةَ لِدَمَثِها، وقام لقربهِ من الناس، ومخافة، ما يكون منه إن جلس، ولذلك ما تنحى عنه حذيفةُ حتى استدناه، ولذلك قال عمر: البول قائمًا أحصَنُ للدُبُرِ، وقد قال مجاهد: ما بال قط قائمًا إِلَّا مَرَّةً، وأنكرت عائشة أنه بال قائمًا (٦)، وإلا فكان أكثر حالِه البعدُ ببوله وغيره، وبحسب هذا ما اختلف السلف فى جوازه، فأجاز ذلك جماعةً منهم وكرهه آخرون، وقال ابن مسعود: من الجفاء أن يبول قائمًا، وردَّ سعيدُ بن إبراهيم


(١) من ت.
(٢) ليست فى المعلم.
(٣) فى الأصل: وعسى.
(٤) هذه عبارة المازرى، ومكانها عنده عقب قوله: ذكر المسح على الخفين.
(٥) من المعلم.
(٦) حديث إنكارها أخرجه الترمذى فى أبواب الطهارة، ب ما جاء في النهى عن البول قائماً، وليس بتكذيب لحذيفة، لاحتمال أن يكون مرادها - رضى الله عنها - نفي ذلك اختيارًا أو عادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>