للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَاتَّبَعَهُ الْمُغِيرَةُ بِإدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَصَبَّ عَلَيْهِ حِينَ فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ. وَفِى رَوَايَةِ ابْنِ رَمْحٍ مَكَانَ " حِينَ ": " حَتَّى ".

(...) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ وَقَالَ: فَغَسَلَ وَجْهَهُ ويَدَيْهِ وَمَسَحَ بِرَأسِهِ ثُمَّ مَسَحَ عَلَىَ الْخُفَّيْنِ.

ــ

وقوله فى حديث المغيرة: " بإداوة ": أى بإناء الوضوء، كما قال فى الآخر: " بميضأة وبمطهرة ".

وقوله: " فصبَّ عليه حين فرغ من حاجته فتوضأ " كذا قال مسلم [عند قتيبة، وعند ابن رمح] (١) حتى فرغ، وكلاهما يصح لكن " حين " أبْيَن، لأنه صبَّ عليه للوضوء للصلاةِ لا لغير ذلك بدليل الحديث الآخر، وذكر فيه تواريه عنه لحاجته، قال: " ثم جاء فصُبَّ عليه فتوضأ ".

وفيه حجة للجماعة فى جواز صب الماء على المتوضئ، ومثله فى حديث أسامة، خلاف ما روى عن عمر وابنه وعلىٌّ فى كراهة هذا وشبهه من استقاء الماء للوضوء لغيره، وأنه من الشركة فى الوضوء، وقول ابن عمر: لا أبالى أعاننى رجُلٌ على وضوئى أو على ركوعى وسجودى، قال الطبرى: وقد صح عن عمر خلافُه من صَبِّ ابن عباس على يديه للوضوء، وثبت عن ابن عمر خلاف ما روى عنه، وأنه كان يُسْكبُ له الماء لوضوئه.

واستدل البخارى من هذا الحديث على جواز توضئة الرجل لغيره (٢)؛ لأنه لما جاز له أن يكفيه غرْف الماء لوضوئه فكذلك سائر الوضوء، وهو من باب القربات التى يجوز أن يعملها الرجل عن غيرهِ، ولإجماعهم على جواز توضئة المريض وتيْميمِه إذا عجز عن ذلك، بخلاف الصلاة، ويحتمل أن صب المغيرةِ كان لضيق فم الإداوة، ويُشبه إن كانت لحمل الماء للشرب فلم يمكن الوضوءُ منها ولم يكن ميضأةً ولا مطهرةً كما جاء فى حديث غيره، وكذلك يختلف حكمُ الأوانى، فما يمكن إدخال اليد فيه كان حكمُه وضعه على اليمين، وما ضاق عن ذلك كان حكمه وضعه على اليسار ليُفرِغ منه على اليمين ويميله بياسره، فهذا اختيار أهل العلم.

وقول المغيرة فى صفة وضوئه: " فغسل وجهه ويديه ومسح برأسِه ثم على الخفين " ولم يذكر من السُنن شيئاً، ليس فيه أنه لم يفعلها صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لكن المغيرة أخبر بالفرائض


(١) فى ت: عند ابن رُمح، وعند قتيبة، وكتب أمامها بهامش الأصل. لفظ مسلم، وفى رواية ابن رُمح مكان حين: حتى.
(٢) البخارى، فى الوضوء، ب الرجل يوضئ صاحبه ١/ ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>