للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كتاب مسلم من (١) أصح كتب الحديث، قال مؤلفه: انتقيتُه من نحو ثلاثمائة ألف حديث، وقال بعض الناس: ما تحت أديم السماء أصح منه - يريدُ فى كتب الحديث - وكان مسلم من جملة أصحاب البخارى لما ورد البخارى نيسابور، ولما امتحِنَ فيها البخارى بالمسألة المشهورة [عنه] (٢) نفر عنه أصحابه إلا مسلماً فإنه لزمه (٣). وتوفى الإمام مسلم - رحمه الله - فى العشر الأخير من رجب سنة مائتين وإحدى وستين (٤).

قال الفقيه القاضى [عياض بن موسى بن عياض] (٥) - رحمه الله -: وإذ قد ذكر الإمام أبو عبد الله - رضى الله عنه - من أخبار مسلم - رضى الله عنه - طرفاً فسنذكُرُ من ذلك ما حضر، ونُضيف إلى ذلك مقصد مسلم - رحمه الله - فى تأليف هذا الكتاب، [ونَضْطَّر] (٦) إلى تفسير الصحيح والسقيم، وفصول من علوم (٧) الحديث نبسُطُ من الكلام فيها طَرفاً ونتكلم على كل فصل من ذلك، حيث يأتى من [إشارة] (٨) مسلم، ونعرّف بمذهبه فى ذلك، ونُبينُ غرضه فيما (٩) يهدى الله إليه، ويعين عليه، إن شاء الله تعالى، فأقول:


(١) فى نسخة الرباط " المُعْلِم ": هذا من، وفى نسخة المدينة المنورة: هو.
(٢) من ت.
(٣) قائل ذلك هو الحافظ أبو على النيسابورى، أحدُ شيوخ الحاكم. راجع: تدريب الراوى ١/ ٩٣، سير أعلام النبلاء ١٦/ ٥١.
وقوله: " المسألة المشهورة ": يشير إلى ما وقع للإمام البخارى من أذى، بسبب موقفه من فتنة القول بخَلْقِ القرآن، والتى ذَكَّى أوارها ضيق أفق خليفة، وفسادُ قلب صاحبٍ وقرين، مع عسر شرط من الأصحاب والموافقين.
وفحوى تلك المسألة -مسألة القول بخلق القرآن- هى: أن الثابت عن أهل السنة والجماعة والأشاعرة أنهم أثبتوا لله تعالى صفات نفسية قديمة، قائمة بذاته سبحانه وتعالى، منها صفة الكلام، وذهبوا إلى أن معنى القرآن الكريم ومدلوله قديم، ونوع من أنواع هذه الصفة، خلافاً للمعتزلة الذين أنكروا الصفات عامة، فراراً- بحسب زعمهم- من تعدد القدماء المستحيل بالضرورة، وقالوا بحدوث معنى القرآن، غير متنبهين إلى أن المستحيل إنما هو تعدد الذوات فى القدم، لا أن تكون ذات واحدة هى القديمة قام بها منذ القدم صفات متنوعة.
وذهب أهل السنة إلى أن لفظ القرآن -أى حروفه الذى تنطقه ألسنتنا وتتلفظ به، وتكتبه أيدينا فى الصحف المختلفة- حادث غير قديم.
راجع فى ذلك: الطبقات الكبرى ٢/ ١٢، تاريخ بغداد ٢/ ٣١، البداية ١١/ ٢٧، وانظر البحث القيم فى ذلك للدكتور الشيخ عبد الغنى عبد الخالق فى كتابه: الإمام البخارى وصحيحه: ١٦١ - ١٧٤.
(٤) جاء فى النسخة المصورة لدى عن نسخة الحرم المدنى " للمُعلم ": هذا كتاب قصد فيه إلى تعليق ما جرى فى مجالس الفقيه الإمام الجليل أبى عبد الله محمد بن على المازرى -رضى الله عنه- حين القراءة عليه لكتاب مسلم بن الحجاج- رحمه الله- فى شهر رمضان من سنة تسع وتسعين وأربعمائة، منقولاً ذلك بعضه بحكاية لفظ الفقيه الإمام، أيده الله وبعضه بمعناه.
(٥) فى ت: أبو الفضل عياض.
(٦) غير مفهومة فى الأصل، والمثبت من ت.
(٧) فى ت: علم.
(٨) مطموسة فى الأصل، والمثبت من ت.
(٩) فى ب: بما.

<<  <  ج: ص:  >  >>