للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهِ بْنِ أَبِى قَيْسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ وِتْرِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. قُلْتُ: كَيْفَ كَانَ يَصْنَعُ فِى الجَنَابَةِ؟ أَكَانَ يَغْتَسِلُ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ أَمْ يَنَامُ قَبْلَ أَنْ يَغْتَسِلَ؟ قَالَتْ: كُلُّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يَفْعَلُ، رُبَّمَا اغْتَسَلَ فَنَامَ، وَرُبَّمَا تَوَضَّأَ فَنَامَ. قُلْتُ: الْحَمْدُ للهِ الَّذِى جَعَلَ فِى الأَمْرِ سعَةً.

(...) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ. ح وَحَدَّثَنِيهِ هَارُونُ ابْنُ سَعِيدٍ الأَيْلِىُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، جَمِيعًا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ.

ــ

وقوله: " إن عبد الله بن [أبى] (١) قيس قال: سألت عائشة - رضى الله عنها - عن وِترِ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ... " وذكر الحديث " قلتُ: كيف كان يصنع فى الجنابة؟ أكان يغتَسِلُ قبل أن ينام؟ أم ينامُ قبل أن يغتسل؟ قالت: كل ذلك كان يفعلُ " هذا نص الحديث كله فى الأم، قال الإمام: يحتمل أن يكون وجه سؤاله عن هذا أن فى بعض الأحاديث أن الجنب لا تقربه الملائكةُ، ومعلومٌ من حاله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه لا يبقى على حالةٍ تبعُد الملائكة عنه، إِلا ترى أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتقى أكل الثوْمِ وشبهه، وعلل ذلك بمناجاة الملك، وحديث عائشة - رضى الله عنها - يدلُ أَنَّ لذلك الحديث إن صحَّ تأويلاً، فيحتمل أن يكون فيمن أخَّرَ الغُسلَ عن وقتٍ واجبٍ عليه فيه الاغتسال لحضور الصلاة فيصير حينئذ عاصيًا، ولا تقربُه الملائكة لعصيانه، ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منَزَّهٌ عن هذه الحال، فيحتمل تأخيره للغسل فى حديث عائشة [على] (٢) أنه فى زمنٍ يجوز ذلك فيه.

قال القاضى: قد يكون تجنّب الملائكة من الجنب تنزيهاً لها من أجل الحدث الذى عليه، كما نُزِّهَتْ عنه عبادات كثيرةٌ من تلاوةِ القرآن ومسِّ المصحف، ونُزِّه المسجدُ عن دخولِه حتى يتطهرَ، ولما كانوا مطهرَين ووصفهم اللهُ بذلك خصَّهُم بالبُعدِ عمن ليس بهذه الصفة - والله أعلم. وقد قال الخطابى: إن الملائكة التى تجتنبُ [الجُنبَ] (٣)، وجاء أنها لا تدخُلُ بيتاً فيه جُنبٌ - هم الملائكة المنزلة بالرحمة والبركة غير الحفظة الذين لا يفارقونه (٤).

قال القاضى: ذكرُهُ فى هذا الحديث الوتر طرفٌ من حديثٍ فيه فصولٌ اختصرها مسلمٌ - رحِمه اللهُ - وذكر منها حاجتَهُ فى الباب، وقد ذكر الحديث أبو بكر الخوارزمى بكماله فقال:


= وقصد بذلك بيان أن الجنب لا يجب عليه أن يتوضأ الوضوء الشرعى.
(١) ساقطة من ت ومن المعلم.
(٢) من المعلم.
(٣) ساقطة من الأصل والمثبت من ت.
(٤) معالم السنن ١/ ٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>