للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(...) وحدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ، وَالأَشَجُّ، وَإِسْحَاقُ، كُلُّهُمْ عَنْ وَكِيعٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ يَحْيَى بْنُ يَحيَى وَأَبُو كُرَيْبٍ، قَالا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيةَ، كِلاهُمَا عَن الأَعْمَشِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَلَيْسَ فِى حَدِيثِهِمَا إِفْرَاغُ ثَلاثَ حَفَنَاتٍ عَلَى الرَأسِ. وَفِى حَدِيثِ وَكِيعٍ وَصْفُ الْوُضُوءِ كُلِّهِ. يَذْكُرُ الْمَضْمَضَةَ وَالاِسْتِنْشَاقَ فِيهِ. وَلَيْسَ فِى حَدِيثِ أَبِى مُعَاوِيَةَ ذِكْرُ الْمِنْدِيلِ.

ــ

فدل ذلك على أنه لا يُكرَه، ورُوى عن ابن عمر أنه كرِهَهُ [فيهما] (١) وبه قال ابن أبى ليلى، وإليه مال أصحابُ الشافعى، وحجتهم ظاهر حديث ميمونة، ولأنه أثرُ عبادة فَكُرِه إزالتُهُ (٢) كدم الشهيد وخُلوف (٣) فم الصائم، على أصل من نهى عنه، وروى عن ابن عباس أنه يكرهُه فى الوضوء دون الغُسل، وحجتُه ما روى أن أم سَلمةَ ناوَلته الثوبَ ليتنشَّف به فلم يأخذه وقال: " إنى أحبُّ أن يبقى علىَّ [أثر] (٤) وضوئى " ولم يثبت عندَه فى الغسل دليلٌ قاطع على الكراهة [فأجازه] (٥).

قال القاضى: يحتمل ردُّه للمنديل لشىء رآه فيه أو لاستعجالِه للصلاة أو تواضُعاً، وخلافاً لعادة أهل الثروة، ويكون الحديث الآخر فى أنه كانت له خرقةٌ يتنشف بها عند الضرورة وشدَّةِ البرد ليُزيل برد الماء عن أعضائه.

وقوله فى حديث ميمونة بعد هذا: " أتى بمنديل فلم يمسَّهُ وجعل يقول بالماء هكذا. يعنى ينفضه ": ردٌّ على من احتج بتركه المنديل كراهةَ التنشيف، إذ لا فرق بين نفض الماء ومسحه، ولو كان أنه يوزن على ما علل به بعضُهم لكان ما يُنفض مثلَهُ، ولأن وزنه ليس فى الحال بل فى المآل، وفراقه الجسم وهو لابد من فراقِه ونفضه الماء إما لئلا يُبَلُّ ثوبَه أو مخافة ضرر برودَتِهِ، لا سيما إن كان فى زمن البرد.

وقولها فى رواية ابن حُجر بعد ذكرها غسل الفرج بالشمال: " ثم صوب بشمالِه الأرض فدلكها دلكاً شديداً ثم توضأ للصلاة ": دلَكها لما عساه تعلق بها من رائحة أذىً أَو لزوجَة نجاسةٍ، وبدايةُ بغسل الفرج قبل الغسل لإزالة ما به، ولتكون طهارةُ الحدث بعد طهارة عين النجاسة، ولا فيه من نقض الطهارة إن غَسَله أثناء غسْله، وغَسْلُهُ إياهُ ووضوؤه للصلاة بعد ثم اغتساله، مفهومُه أنه لم يُعدْ فى اغتساله غُسْل ما غَسَلَ قَبِل ولا أعضاء الوضوء، وهذه (٦) سنة غسل الجنابة، لكن يجبُ أن ينوىَ عند غسله ما غسَل لإزالة ما به


(١) من المعلم.
(٢) فى المعلم: قطعه.
(٣) فى المعلم: وكخلوف.
(٤) ليست فى المعلم.
(٥) من المعلم.
(٦) فى الأصل: وهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>