للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَنَابَةِ.

٤١ - (...) حدّثنا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا لَيْثٌ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ. ح وَحَدَّثَنَا قُتيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ وَعَمْرٌو النَّاقِدُ وَزُهَيْرُ بْن حَرْبٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفيَانُ، كِلاهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَغْتَسِلُ فِى القَدَحِ - وَهُوَ الْفَرَقُ - وَكُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا وَهُوَ فِى الإِنَاء الْوَاحِدِ.

ــ

فى ذلك أقل مما روى من فعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى المُدِّ والصاع.

قال القاضى: والأظهر عندى فى حديث عائشة أنها لم ترد أن قدر ملء الفرق من الماء هو قدر ماء الغسل وما يكفى منه، بدليل حديثها الآخر: " كنت أغتسل أنا ورسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من قدَحٍ يقال له الفرَق " فقد ذكرت اغتسالهما معاً منه، والأحاديث الواردةُ فى تطهرهِ بالصّاَع، والفَرق ثلاثةُ آصُع كما تقدم، وأن تكون " مِنْ " لبيان الإناء أو للتبعيض مما فى الفرق.

وقوله عن أبى سلمة بن عبد الرحمن: " دخلنا على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة فسألها (١) عن غُسل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الجنابة، فدعت بإناءٍ نحو الصاع فاغتسلت وبيننا وبينها سِتْرٌ ووصفَ غُسْلَها ": ظاهر الحديث أنهما رأيا عملها فى رأسها وأعلى جَسَدِها مما يحل لذى المحرم النظر فيه إلى ذاتِ المحرَم، وأحدُهما - كما قال - كان أخوها من الرضاعة، قيل: إن اسمه عبد الله بن يزيد، كان أبو سلمة ابن أختها من الرضاعة أرضعته أم كلثوم بنت أبى بكر، ولولا أنهما شاهدا ذلك ورأياه لم يكن لاستدعائهما الماء وطهرِها معنىً، إذ لو فَعَلتْ ذلك كله فى سِترٍ عنهما لكان عناءً ورجَعَ الحال إلى وصفِها له، ويكون السِّترُ الذى بينها وبينهما عن سائر جسدها وما لا يَحِلُ لهما رؤيتُه كما شوهد غسل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من وراء الثوب وطأطأ عن رأسه حتى ظهر لمن أراد رؤيته.

وقوله: " وكان أزواج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة ": فى هذا دليلٌ بيِّنٌ على ما قلناه من رؤيتهما ذلك منها، ولا بأس لذى المحرم أن يرى شعر ذات المحرَم منه وما فوق جبينها عند العلماء إِلا ما وقع لابن عباس من كراهة ذلك.

وقوله: " يأخذن من رؤوسهن حتى تكون كالوفرة ": دليلٌ على جواز تحذيف النساء لشعورهن وجواز اتخاذهنَّ الجُممَ، وقد كانت للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُمَّة، والوفرةُ أشبعُ من اللّمَّةِ، واللِّمةُ ما ألمَّ بالمنكبين من شعر الرأس دون ذلك، قاله الأصمعى، وقال غيرُه: الوَفرةُ أقلها وهى التى لا تجاوز الأذنين، والحُمَّةُ أكبرُ منها، واللِّمةُ ما طال من الشعر. وقال أبو حاتم: الوفرةُ ما غطَّى الأذنين من الشعر، والمعروف أن نساء العرب إنما كن يتخذن القرون والذوائب، ولعل أزواجَ النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فعلن هذا بعد موته لتركهن التزيَّنَ واستغنائهن عن


(١) فى ت. فسألنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>