للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الوضوء عليها أبو حنيفة والشافعى، وأصحابهما والليث والأوزاعى، ولمالك - أيضاً - نحوه، وكلهم مجمعون على أنه لا غسل عليها غير مرةٍ واحدةٍ عند إدبار حيضتها (١)، لكن اختلف فى الغسل إذا انقطع عنها دم الحيضة، واختُلف فيه قول مالك (٢). وأما قوله فى الحديث الآخر: " امكثى بقدر ما كانت تحبسُكِ حيضَتُكِ ثم اغتسلى وصلى " فقد تقدم الكلام عليه.

وفيه حجةٌ لمن قال من أصحابنا: إنها تقعدُ قدر أيَّامها وما ثبت من عادتها لا خمسة عشر يوماً كما قال مالكٌ وبعضهم. وفيه - أيضاً - حجةٌ لمن لم ير الاستظهارَ (٣) إذ لم يذكره، وقال: " ثم اغتسلى وصلى "، لكن قد قيل: إن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد يحتمل أنه علم عادةَ هذه وأنها خمسة عشر يوماً، وهو بعيد، والله أعلم.

ولا خلاف أن وطء المستحاضة التى تُباح لها الصلاة مباحٌ بين العلماء (٤) إِلا شىء


(١) المجموع ١/ ٥٣٦.
(٢) هذا إنما يكون فى امرأة تعرف دم حيضتها من دم استحاضتها - كما قال ابن عبد البر. الاستذكار ٣/ ٢٢٥.
قال: وممن أوجب الوضوء لكل صلاةٍ على المستحاضةِ سفيان الثورى، وأبو حنيفة، وأصحابُه، والليث بن سعدٍ، والشافعىُّ وأصحابُهُ، والأوزاعىُّ، وهؤلاء كلُّهُم - ومالك معهم - لا يرونَ على المستحاضة غُسلاً غيرَ مرةٍ واحدةٍ عند إدبار حيضَتِها، وإقبال استحاضَتِها، ثم تغسل عنها الدَّم وتُصَلِّى ولا تتوضأ إِلَّا عند الحدَثِ عند مالك، وهو قول عكرمة وأيوب السختيانى.
(٣) وهو قول مالك، ومن قال به معمر وعمرو بن دينار وعطاء.
قال ابن عبد البر: والاستظهار فقد قال مالك باستظهار ثلاثة أيام، وقال غيره: تستظهر يومين. وحكى عبد الرزاق عن معمر قال: تستظهر يوماً واحداً على حيضتها ثم هى مستحاضة. وذكر عن ابن جريج عن عطاء وعمرو بن دينار تستظهر بيوم واحد. المصنف ١/ ٣٠٠.
قال أبو عمر: احتج بعض أصحابنا فى الاستظهار بحديثٍ رواه حرام بن عثمان عن أبى جابر عن جابر عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو حديث لا يصح، وحرام بن عثمان ضعيف متروك الحديث. التمهيد ١٦/ ٨٢.
(٤) المغنى ١/ ٤٢٠، والأم ١/ ٢٦. وقد أخرج عبد الرزاق عن ابن المبارك عن الأجلح عن عكرمة عن ابن عباس قال فى المستحاضة: لا بأس أن يجامعها زوجها. المصنف ١/ ٣١٠.
ومن طريق إسماعيل بن شروس قال: سمعت عكرمة مولى ابن عباس يسأل عن المستحاضة: أيصيبُها زوجها؟ قال: نعم، وإن سال الدم على عقبها. السابق. وله عن الثورى عن سمى، عن ابن المسيب، وعن يونس عن الحسن قالا فى المستحاضة: تصوم وتصلى [و] (*) يجامعها زوجها.
ومن طريق الثورى عن سالم الأفطس عن سعيد بن جبير أنه سأله عن المستحاضة أتُجامع؟ فقال: الصلاة أعظم من الجماع. السابق.
قال ابن وهب: وقال مالك: أمر أهل الفقه والعلم على ذلك، وإن كان دمُها كثيراً.
وقال مالك: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما ذلك عرق وليس بالحيضة " وإذا لم تكن حيضة فما يمنعها أن تصيبها وهى تصلى وتصوم. التمهيد ١٦/ ٧١.
وهذا قول الشافعى وأبى حنيفة وأصحابهم، والثورى والأوزاعى، وإسحاق وأبى ثور. وكان أحمد ابن حنبل يقول: أحبَّ إلىَّ ألا يطأها إِلا أن يطول ذلك بها. السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>