للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَتْ عَائِشَةُ: فَكَانَتْ تَغْتَسِلُ فِى مِرْكَنٍ فِى حُجْرَةِ أُخْتِهَا زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ، حَتَّى تَعْلُو حُمْرَةُ الدَّم الْمَاءَ.

ــ

" أن زينب بنت جحش " قال بعضهم: هو وهم وليست زينب، إنما هى أم حبيبة بنت جحش، قال الدارقطنى عن أبى إسحاق الحربى: الصحيح قول من قال: أم حبيبٍ - بلا هاء - واسمها حبيبة، قال الدارقطنى: قول أبى إسحاق صحيح، وكان أعلم الناس بهذا الشأن، قال غيره: وقد رُوى عن عَمرَةَ عَن عائشة أن أمّ حبيب (١) ... الحديث.

قال القاضى: اختلف أصحاب الموطأ فيه عن مالكٍ، فأكثرهم يقولون: زينب (٢) وكثير من الرواة يقولون: عن ابنة جحش، ويُبين الوهم فيه (٣) رواية مالك وبعضهم: " وكانت تحت عبد الرحمن بن عوف، وزينب هى أم المؤمنين لم يتزوجها قط عبد الرحمن، إنما تزوجها أوَّلاً زيد بن حارثة، ثم تزوجها النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والتى كانت تحت عبد الرحمن هى أم حبيبة، وقد جاء مفسراً على الصواب فى رواية عمرو بن الحارث عن ابن شهاب فى كتاب مسلم: أن أم حبيبة ختنةُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ و [كانت] (٤) تحت عبد الرحمن بن عوف.

وقوله - أيضاً -: " أنها كانت تغتسل فى حجرة أختها زينب ": قال أبو عمر: وقيل: إن بنات جحش الثلاث؛ زينب، وأم حبيبة، وحمنة زوج طلحة بن عبيد الله كُنَّ يستحضْنَ كُلُهنَّ، وقيل: إنه لم يستحض منهن إِلا أمُّ حبيبة، وحكى لنا شيخنا أبو إسحاق عن شيخه القاضى أبى الأصبغ بن سهل أن القاضى يونس بن مغيث (٥) ذكر فى كتابه الموُعِبِ فى شرح الموطأ مثل هذا، وأن اسم كل واحدة منهن زينب، ولقِّبتْ إحداهن بحُمنَة وكنيتْ الأخرى أم حبيبة، وسألت شيخنا أبو الحسن يونُس بن مغيث عما ذكر عن كتاب جدِّه فصَحَّحَه لى عنهُ وإذا كان هذا برَّأ الله مالكاً ممن نسب الوهم إليه فى تسميته أم حبيبة زينبَ، وقد ذكر البخارى من حديث عائشة أن امرأة من أزواجه، وفى رواية أخرى: أن بعض أمهات المؤمنين، وفى أخرى: أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اعتكف بعض نسائه وهى مستحاضةٌ،


(١) فى ت والمعلم: حبيبة. قلت: وفى أبى داود ولابن عبد البر: حمنة. راجع: التمهيد ١٦/ ٦٢.
(٢) جاء فى الموطأ: وحدثنى مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبى سلمة أنها رأت زينب بنت جحش التى كانت تحت عبد الرحمن بن عوف، والمشهور أن زينب بنت جحش هى أم المؤمنين، ولم تتزوج عبد الرحمن بن عوف - رضى الله عنه ١/ ٦٢.
(٣) فى ت زيدت بعدها: قوله فى. وكانت زيادة لأنها ذكرت فى الأصل ثم ضرب عليها.
(٤) ساقطة من الأصل، والمثبت من ت.
(٥) هو المعروف بابن الصفار يونس بن عبد الله بن محمد بن مغيث بن محمد بن عبد الله القرطبى المالكى أبو الوليد، فقيه محدث صوفى، عالم فى اللغة والعربية والشعر، تفقه على أبى بكر بن ذرب. توفى فى رجب عام ٤٢٩ وله إحدى وتسعون سنة. قال فيه الذهبى: كان فقيهاً صالحاً عدلاً حجةً علامة فى اللغة والعربية والشعر فصيحاً مفوهاً كثير المحاسن.
راجع سير أعلام النبلاء ١١/ ١٢٧، العبر ٢/ ٢٦١، جذوة المقتبس ٣٦٢، الصلة ٦٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>