للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَلا أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ؟ ".

ــ

حديث آخر: " فدبغتموه فاستمتعتم به] (١) وفى حديث آخر: " إذا دبغ الإهاب فقد طَهرَ "، قال الإمام: قال الهروى: دواجنُ البيوت ما ألفها من الطير والشاء وغيرها، واحدها داجنة، وقد دجن فى بيته إذا لزِمَه، وكلبٌ داجنٌ ألف البيتَ، والمداجَنةُ حسنُ المخالطة، قال الهروى وغيره: والإهابُ يجمعُ على الأُهب، والأهَبُ - يعنى بضم الهمزة والهاء وبفتحهما أيضاً.

قال الإمام: ورد فى جلد الميتة أحاديثُ مختلفةٌ، واختلف الناسُ - أيضاً - فى جِلد الميتةِ، فقال أحمد بن حنبل: لا ينتفع به (٢)، وأجاز ابن شهابٍ الانتفاع بِه، والجُمهور


(١) من المعلم.
(٢) قبل الدباغ وبعده، ذهب إلى هذا الحديث شعبةُ عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عبد الله بن عُكيم قال: قُرِئ علينا كتابُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأرض جهينة وأنا غلامٌ شابٌ: " ألا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عضب ". أحمد فى المسند ٤/ ٣١١، كما أخرجه أبو داود فى اللباس، ب من روى إِلا ينتفع بإهاب الميتة بلفظ: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتب إلى جهينة قبل موته بشهر، والنسائى فى الفرع والعتيرة، ب ما يدبغ جلود الميتة، كما أخرجه عبد الرزاق فى المصنف والبيهقى فى السنن والمعرفة والطحاوى فى شرح معانى الآثار ١/ ٤٦٨، والترمذى وقال فيه: حديث حسن، وليس العملُ على هذا عند أكثر أهل العلم. ثم قال: كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا الحديث لما ذكر فيه: قبل وفاته بشهرين، وكان يقول: كان هذا آخر أمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم ترك أحمد بن حنبل هذا الحديث لما اضطربوا فى إسناده. اللباس، ب ما جاء فى جلود الميتة إذا دبغت (١٧٢٩)، وقال البيهقى فى المعرفة: فى الحديث إرسال، وهو محمول على إهابها قبل الدبغ، جمعًا بين الخبرين. معرفة السنن ١/ ٥٤٢.
وقال الزيلعى. حديث ابن عُكيم أُعِلَّ بأمورٍ ثلاثة:
أحدها: الاضطراب فى سنده - إذ أنه خولف فيه شعبة. فرُوى عن الحكم عن رجالٍ من جهينة لم يذكرهم، وكذلك رواه القاسم بن مخيمرة عن مشيخة له عن عبد الله بن عُكيم.
الثانى: الاضطرابُ فى متنه، فروى قبل موته بثلاثة أيام، وروى بشهرين، وروى بأربعين يوماً.
الثالث: الاختلاف فى صحبة عُكيم، وقد قال البيهقى وغيره: لا صحبة له فهو مرسل. راجع: نصب الراية ١/ ١٢١.
قال أبو عمر: وهذا اضطراب كما ترى يوجب التوقف عن العمل بمثل هذا الخبر. وقال داود بن على: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث فضعفه، وقال: ليس بشىء، إنما يقول: حدثنى الأشياخ. ثم قال أبو عمر: ولو كان ثابتًا لاحتمل أن يكون مخالفاً للأحاديث من رواية ابن عباس، وعائشة، وسلمة بن المحبق، وغيرهم عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، واحتمل ألا يكون مخالفاً، لأنه جائز أن يكون معنى حديث ابن عكيم: ألا ينتفعوا من الميتة بإهاب قبل الدباغ، وإذا احتمل ألا يكون مخالفاً له، فليس لنا أن نجعله مخالفًا، وعلينا أن نستعمل الخبرين ما أمكن استعمالهُما.
وحديث عبد الله بن عُكيم، وإن كان قبل موت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بشهر كما جاء فى الخبر، فممكن أن تكون قصة ميمونة وسماع ابن عباس منه قوله: " أيما إهاب دُبِغَ فقد طهر " قبل موت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بجمعة أو دون جمعة. التمهيد ٤/ ١٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>