للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحَارِثِ بْنِ الصِّمَّةِ الأَنْصَارِىِّ. فَقَالَ أَبُو الجَهْمِ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ، فَلقِيَهُ رَجُلٌ فَسَلمَ عَليْهِ، فَلمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَليْهِ، حَتَّى أَقْبَلَ عَلى الجِدَارِ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، ثُمَّ رَدَّ عَليْهِ السَّلامَ.

١١٥ - (٣٧٠) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الضَّحَّاكِ بْنِ عُثْمَانَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَجُلاً مَرَّ، وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَبُولُ، فَسَلمَ، فَلمْ يَرُدَ عَليْهِ.

ــ

الرجال والبخارى فى تاريخه والنسائى وأبو داود: أبو الجُهَمْ (١).

وقوله فى الحديث: " أقبل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من نحو بئر جَمَلٍ ... " وذكر تيمُّمَهُ لِرَدِّ السلام، احتج به البخارى وغيره فى جواز التيمم فى الحضَر لمن خاف فوات الوقت (٢)، وقد اختلفت الرواية فى جوازه عن مالك، وفى إعادة الصلاة لمن فعله إن وجد الماء في الوقت على القول بإجازته (٣). وفى استدلال البخارى بهذا الحديث نظر لكنه يؤنس إليه، إذ لم يرَ أن يرُد السلام ولا يذكر الله إِلا على طهارةٍ، وخشى ذهاب الرجل وفوات ردِّ السلام عليه فتيمم.

وفيه حجةٌ بجواز التيمم بالتراب المنقول عن وجه الأرض، لتيممه بالجدار وهو ترابٌ مفصول (٤)، وفيه حجة لسقوط شرط الغبار ونقل التراب فى التيمم لعدم ذلك فى تراب الجدار لتعقده، وجواز التيمم مع وجود غيره، وفيه جواز التيمم للنوافل كالفضائل.

قال الطحاوى: وهذا الحديث من باب الأخذ بالفضائل، وقال الطبرى: هو على التأديبَ للمُسلَّم عليه فى حال الحَدثِ التى نهى عن السلام فيها، وليس فى الحديث ما يَدلُ على ما قال؛ لأنه إنما سلم عليه بعد إقباله من قضاء الحدث وليس بموضع النهى، لكن فى الحديث الآخر: " أن رَجُلاً مَرّ عليه وهو يبول فسلَّم عليه فلم يَرُدَّ عليه " (٥).


(١) هو أبو جُهيم بن الحارث بن الصمَّة بن عمرو، الخزرجى، الأنصارى، له صحبة وهو ابن أخت أبى بن كعب، قيل: اسمه عبد الله، وقد ذكره الشافعى فى الأم بابن الصِّمَّة. تهذيب الكمال ٣٣/ ٢٠٩، الأم ١/ ٥١.
(٢) ك التيمم، ب التيمم فى الحضر إذا لم يجد الماء وخاف فوت الصلاة ١/ ٩٢.
(٣) راجع فى ذلك: المنتقى ١/ ١١٨. وقد قال: والمشهور من مذهب مالك أنه لا يعيد، وقال ابن حبيب ومحمد بن الحكم: يعيد أبداً.
(٤) فى ت. منقول.
(٥) الحديث أخرجه أبو داود فى سننه فى الطهارة، ب فى الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر ١/ ٥، والترمذى فى الطهارة، ب فى كراهة رد السلام غيرَ متوضئ ١/ ١٥٠، والنسائى، ب السلام على من يبول ١/ ٣٦، وابن ماجة فى الطهارة، ب الرجل يسلم عليه وهو يبول ١/ ١٢٧ جميعاً عن ابن عمر، قال أبو داود: وروى عن ابن عمر وغيره أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تيمم، ثم ردَّ على الرجل السلام، وقال الترمذى فى الحديث: هذا حديث حسن صحيح، وإنما يكره هذا عندنا إذا كان على الغائط والبول، وقد فسَّر بعض أهل العلم ذلك، وهذا أحسن شىء رُوى فى هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>